لكل عبادة في الإسلام أسرارها، والحج فريضة فريدة تجمع أسرارًا كثيرة سنحاول الغوص في بعض أسراره: 1- معادلة مهمة التفت إليها جيدًا: عرفات = المعرفة والعلم. المشعر الحرام = الشعور والوعي. السعي والأضحية = عمل وتضحية. الطواف حول الكعبة = التفاف الامة حول هدف واحد. معرفة + شعور + عمل وتضحية + هدف مشترك = نهضة أمة. والعامل المشترك للمعادلة (مركب المعادلة): لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك. حاول أن تزيل أي عامل من عوامل المعادلة: ما قيمة المعرفة والعلم بلا شعور ووعي؟ وما قيمتهما بدون عمل وتضحية؟ وما قيمة كل هذا بلا عمل جماعي لهدف مشترك؟ 2- رمي الجمرات هي معركة رمزية بين الإنسان والشيطان. العجيب أن الاحتفال بالعيد يأتي قبل بدأ المعركة !!! وكأن انتصار هذه الأمة مرتهن بقرارها خوض المعركة ضد الباطل.. (ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ). 3- العيد يأتي في منتصف المناسك.. هو عيد الفداء والنصر، ولكن ما زالت المعركة مستمرة بعده !! بعده يتسلح الجنود بالحصى لرمي الجمرات. إياك أن تخلد للراحة وتلقي سلاحك بعد الاحتفال بالنصر!! فالجيش المنهزم ما زال يتحين فرصة ضعفك.. إياك أن تنخدع مرة أخرى.. 4- إسماعيل كان أكبر علائق الدنيا بالنسبة لإبراهيم، ولأنه خليل الرحمن أراد الله أن يصفيه من علائق الدنيا قبل لقائه، فيا ترى من هو إسماعيلك؟؟ ومن ستختار في الامتحان :إسماعيل أم الله؟؟ 5- الله رءوف بعباده.. يمتحنك ونداء النجاة فوق رأسك، قريب من أذنيك، فقط ينتظر منك التسليم له، والطاعة لأمره، وسيأتيك النداء.. (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).. إذا كان سيدنا إبراهيم ما زال ربه يمتحنه وهو في هذه السن وبعد كل هذا الجهاد؛ إذًا ليس هناك كبير على الامتحان. كن حذرًا، تلمس جوانب ضعفك، لُذ بربك، لا تتكبر على الخلق، لا تخلد إلى الراحة.. (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين). 6- السعي بين الصفا والمروة . أنت مأمور بالسعي مع إخلاص النية وشرعية الوسيلة، أما النتيجة: متى؟، وأين؟، وكيف؟، فهي بيد الله وحده، قد تكون بعد شوط، أو سبعة، أو أكثر، وقد يكون الفرج تحت قدميك وأنت لا تدري!!، وقد يكون الفرج نبع خير ينهل منه أجيال وأجيال من بعدك!!
م. محمود صقر
في رحاب مدرسة الحج 1264