لكل إنسان منا قصص تشبهه وأخرى لا تشبهه, لكن في نهاية الأمر يبقى لكل منا مجموعته القصصية الخاصة التي عاشها فصلاً, تلك القصص التي كان لنا فيها دور البطولة هي من جعلت لنا تاريخاً وهي من صنعت لنا تضاريساً جغرافية خاصة, بعض تلك القصص التي مررنا بها علمتنا أن نكون أقوى حتى لو قدمنا أثناء معركتنا مع الحياة بعض التنازلات, فالحياة لا بد أن تستمر حتى لو سقط أحدنا في منتصف الطريق.. وبعضها الآخر علمنا الصمود في اللحظة التي قد يعني فيها تقديم أي تنازل بسيط استسلاماً لعدو يرى في ضعفنا قوة له. كتب حياتنا مليئة بمواقف وسيناريوهات لا تعبر عمنا يسكن قلوبنا من مشاعر وأحاسيس, فقد يعيش أحدنا قصة حب من طرف واحد, ومع هذا فهو يسير خلف القافلة صامتاً بعد أن جعل حياته جنازة تتبعها أحلامه المحتضرة. قصص تكاد تكون بالمئات, فلكل يوم نعيشه قصص تختلف عن قصص حدثت في أيامٍ سابقة وقد تختلف كثيراً عن قصص سنعيشها ما دمنا على قيد الحياة ستروونها كشهود عيان لأبنائنا حين يعيد التاريخ نفسه أمامنا عبرهم, سنقف كالجبال الراسيات ونحن نصب تلك الخبرات المعتقة في آنية عقولهم الغضة والمتمردة على الواقع تماماً كما كنا نحن في تمردنا على كل شيء من حولنا حتى أنفسنا. بعض تلك القصص لا زالت مختبئه خلف جدران الخجل وبعضها يقف على ساحة الحياة مثل بهلوان جريء وبعضها بين هذا وذاك لا زال مثل أسئلة ليس لها أي إجابة. قصص بألوان الحياة التي لا تراها إلا مشاعرنا, فمنها ما يحمل لون الفرح ومنها ما يحمل لون الحزن, منها ما يطغى عليه ظلال اليأس ومنها ما تبرزه خلفية التفاؤل.., وهكذا مضت حياتنا وستمضي في حكايا ليلٍ تهز جذوعه يد النسيان ونهارٍ تكتب مفرداته يد الأقدار, وسواءً شئنا ذلك أم أبينا فلكل إنسانٍ منا كتاب حكايا مختلف عن الآخر. ولم كانت حياتنا رواية طويلة كان لا بد من وجود كاتب يسجل أحداثها بجلاء ـ لذا كان اللوح المحفوظ ـ فحكايانا هناك في السماء منذ الأزل وإلى الأبد. بعضها قصص يمكن أن يقرأها الآخرون وبعضها الآخر لا يحدث إلا على مسارح قلوبنا, لا تراها إلا أعيننا, لا تستشعرها إلا حواسنا, قد تكون قصص حب أو كراهية, حب مجهول وكراهية لا نعلم أسبابها, وقد تكون قصص تضحية لم يقرأها شركاؤنا ولم يفهمها أبناؤنا, فعاشت في أعماق قلوبنا مثل بذرة عقيم, فمن منا يخلو تاريخ حياته من قصص الإيثار والتضحية التي لا يعلم عنها أقرب الناس وأحبهم إلى قلوبنا؟! قصص قد تكتبها أقلام بعد أن نغادر هذه الحياة بكل ما فيها من قبح وجنون ونكرانٍ للجميل.
ألطاف الأهدل
قصص.....!! 1556