كلنا كان يأمل الكثير من الحوار الذي حشد كل أطياف الخلاف السياسي على طاولةٍ واحدة, كنا نعتقد أن تلك الطاولة ستكون مستديرة بما يكفي لتزيل تلك المسافات الشاسعة بين الجميع, لكنها تحولت إلى طاولة لا حصر لأضلاعها ولا عدد لزواياها, وكأن المتارس التي أزيلت من شوارع الوطن أيعد بناؤها على شكل مقاعد دوارة لا أكثر. كنا نأمل أن يكون الوطن هو الهدف والوصول لقرار سياسي عادل هو الغاية المشتركة بين الجميع, كما كنا نأمل أيضاً أن يقدم الجميع تنازلات كثيرة تفوق توقعاتنا وتدهشنا, فإذا بنا نحاول أن نصنع لأنفسنا مدينة أفلاطونية جديدة لا وجود لها على أرض الواقع. حجم الخسارة ـ التي تذوقناها بصمت ـ لا يمكن وصفها, لكننا نتعلق بحبال الأمل الذي يستطيع أن يغير هذا الواقع, في لمحة بصر، ولكن واقع الحال الآن يفرض علينا وبقوة اتخذا قرارات مصيرية حاسمة لا تتوقف فقط عند حد وضع الأثقال السياسية جانباً, وإنما يجب أن تتعداها إلى إنصاف الوطن من التمرتس خلف مصالح ضيقة تضع هذا الشعب في كفة وسواه من أصحاب القرارات الفردية في كفة أخرى, فمن الإنصاف. في حق أنفسنا إذا أن تبحث عن تلك الحلول التاريخية التي ستبقى في حق أنفسنا إذاً أن نبحث عن تلك الحلول التاريخية التي ستبقى هي الحكم العدل في مباراة ربما يراها البعض سياسية وربما يراها آخرون إنسانية من الطراز الأول. وأياَ كان نوع الحدث الذي نعيش، فمن المؤكد أن يصيب أو يخيب أو يصب في كأس الإنسان اليمني وكيف يمكن أن يكون له كيانه الوطني المستقل بعد تلك التجربة السياسية الفريدة التي أوجدت الأسباب الكامنة خلف الانشقاق لكنها خلقت أيضاً أسباباً أكثر جدية للاتحاد والتواؤم. ومازلنا نشعر بالحزن من تعليق قضايا الوطن والأخذ في الاعتبار تلك المواقف الفردية المهزوزة والتي لا تعبر بالضرورة عن موقف شعبية أكثر أهمية في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار الوطني بشكلٍ عام ومؤثر. كانت قد أوشكت فرحتنا على الاكتمال ونحن نستطلع جلسات الحوار من زاوية وطنية مجرة من الطرح الفيزيقي الذي كان يدندن به أرباب الفضول من أطياف التطرف, لكنا أصبحنا ندرك اليوم قيمة الحوار الوطني كحدث تاريخي بعد أن ظهرت على سرجه فصول استثنائية لم يكن لها وجود من قبل ومن هنا أدركنا أن الوطن قد يصبح مجرد صفقة في ملفات السوق السوداء التي تبيع و تشتري كل شيء وبأي ثمن. الأيام القادمة قد تكشف عن المزيد من الفصول الغامضة على مسرح الحوار, وقد يتحول الأمر إلى مجرد صفقة فعلاً لكن المشتري سيكون هو الشعب, والشعب وحده.
ألطاف الأهدل
يا فرحة ما تمت..! 1504