قال تعالى :( وقفوهم إنهم مسئولون) وقال تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) صدق الله العظيم .
لكن اليوم الأحفاد لهم رؤى تنكر على الأولين كيف تم احتضان هذا الشعب بعضهم البعض ، فلم يعش الأولون إلا على واقع الأخلاق والقيم وليس على واقع الانتماء للمذهب أو المنطقة أو النسب ، فمن كان يشعر بالجوع أو يرتكب خطيئة في مناطق الجبال ليس له ملاذ سوى الرحيل إلى السواحل والوديان . فيعيش بأمان واطمئنان مع أهل تلك المناطق ، ورغم ذلك تقبلنا من الأبناء التفاخر بالألقاب ولم يصلوا معنا إلى التقدير الذي يؤدي إلى تثبيت القيم والأعمال وبما أن المسئولين لم يؤدوا أمانة المسئولية كما يجب ولم يقوموا بخدمة الوطن على الوجه المطلوب حتى نزع في ظل ذلك الحب والتقدير من عامة الناس لأن السلوك السليم لم يكن من سمات المسئولين بل تم معاملة الشعب على أنه غريب في وطنه ، وكأن الوطن ملك لكل نافذ وفاسد ومبتدع والبقية يعيشون بقدر ما يعطون من جباية وما يقدمونه من حقوقهم وممتلكاتهم في سبيل شراء المواطنة وهوية الانتماء للوطن لذلك لم يتم نقل المجتمع من واقع التخلف إلى واقع التحضر لأنه يوجد داخل المجتمع فئات لا يمكن أن تعيش إلا على واقع التسلط والهيمنة وقهر وسلب الآخرين ، مرض أصاب بعضاً من رجالنا وكأن فقرهم وفشلهم في التعليم وحالة البؤس الذي لا زم أسرهم من الوجوب أن يدفع المجتمع وخاصة الضعفاء والمساكين ونهب ثروات الوطن ثمن البقاء لهؤلاء ، وهكذا المواطن والوطن هو المستهدف وهو الضحية للفاسدين والمتآمرين والعملاء على الدولة وثرواتها وهو المسئول عن الفاشلين في الحياة وبقاء المجرمين يمارسون إجرامهم وكأنه وضع في هذا البلد لا بد لدعاة الأمن والسلام التسليم به أو معالجته على طريقة المثل المتداول بين اليمنيين الذي أطلقه الآباء والأجداد لتجنب شر السفهاء ( تجنب السفيه ولو بنصف مالك) حتى تسلم أرواحنا وتبقى لنا نصف الكرامة ونصف الرجولة خشية بطش المجرمين والفاسدين لأننا ولدنا في اليمن وما زالت اليمن تعيش في القلوب والوجدان حقائق يجب أن نعترف بها إذا اردنا أن يكون اليمن مثالاً للمواطنة ، للحب ونشر الإخاء والسلام وسلامة الأرواح والممتلكات وصون الكرامة لكل من يعيش على هذه الأرض اليمن .
وكأن هناك اليوم مؤامرة يتم الاعداد لها للوقيعة ما بين دعاة المذهبية في اليمن ،ما بين المذهب الشافعي أو المذهب الزيدي وبقية الفرق التي تعيش على أرض اليمن والقضاء على روح التسامح فيما بينهم وخصوصية المعتقدات كانت على مر الزمن محل تقدير واحترام اليمنيين ، فالأقلية اليهودية في اليمن باقية وكذلك الاسماعيلية وفرقة الشيعة لم يتعدى عليها أنصار المذهب الشافعي أو الزيدي ، لكن مهما ظن دعاة التخلف بانهيار وتماسك هذا الشعب سوف لن تجد مشاريعهم لها أثر أو صدى في نفوس وعقول من يعرفون ويقرأون كتب الشوكاني والأمير الصنعاني ومجلدات المجتهد العمراني ومن يحفظون أحاديث البخاري ومسلم والترمذي وسوف يقابلهم تطور في المفاهيم لمن يدعو للدين ومن يدعو للبدع والخرافات ، أوهام الحالمين المتآمرين يواجهه واقع وتاريخ المفكرين وحفاظ القرآن الكريم والحديث وتفسير ابن كثير وابن القيم كانت هي رصيد ومبتغى كل اليمنيين في الحصول على العدالة والحرية والتضامن فيما بينهم ، وهي مقتضيات الرسالة والدين مهما استغفلت الأحزاب والجماعات ودعوات التظليل عواطف الناس باسم الدين ستظل الزيدية والشافعية هي توجهات الناس في اليمن باسم الدين .
صراع الأفكار والطغاة باسم المذهبية والمناطقية في اليمن لن تلقى لها رواج إلا بمن يؤمنون بمسيلمة وبفكر عبدالله ابن سبأ ولن يكون مستقبل العمل في اليمن إلا لمن هم على صلة بما جاء به الرسول ومن بعده الصحابة والتابعين ومن بعدهم المجتهدين ومن هم على نهجهم يتبعون الصحيح من الأحاديث ولن يكون صاحب المشروع الأكبر إلا من يدعو للدين و أصوله وليس لفرع من فروعه بتمجيد البعض والتحقير للآخرين وعلى أساسه تكون الحياة بعيداً عن السيطرة والقتل وفرض رأي الأقلية على الأكثرية لقد ارتطمت أنفسنا على الصخور والعقول الجامدة ، حتى أصبحت للآخرين جسور يمرون ويمشون فوقها دون مراعاة لقيمنا وأهدافنا وغاية الوجود وعبادة المعبود رب العالمين .
وكأن هذا الوطن وهذا الشعب مكتوب عليه أن يكون على تواصل مع الحروب والأزمات يعيش ويموت على واقع الفتن ولا عبر عندنا لمن يموت أو يقتل وكأن زماننا لن يعيش فيه إلا من هو مسير بالقدر ، لأننا اليوم تواجهنا إشكالية تغيير المفاهيم في العادات والتقاليد والأخلاق والسلوكيات التي نسوغها بطريقة الإزالة بما كان يتمتع به الآباء والأجداد وهذه الإشكالية تقودنا إلى طمس قيم ومبادئ الماضي التي كانت راسخة في عقول الأولين والتي كان على أساسها الامن والسلام الاجتماعي ، أسس وأهداف نقوم اليوم بطمسها وهي على وشك الانقراض ومنها ما كان عليه الآباء اليمنيون من الحب للوطن والحب فيما بين أهل اليمن وحفظ للأمانة وانعدام الوفاء بالوعود والعهود والتمسك بالأخلاق, لكن مع الأسف تم استبدال الصدق بالكذب وظهور الخيانة وزيادة الأطماع وبروز الكبر وصناعة الخصومات والتي نسوقها بالحقد والكره وموت الضمير حتى أصبح الشعب يجر نفسه إلى واقع الانحطاط لكي يعيش على واقع الماديات التي تقودنا إلى انحلال قيم الدين من نفوسنا حتى نعيش في الدنيا على دنيا الأطماع وجعل الآخرة بلا عمل واقع مؤلم وحزين وسباق على الدنيا وغياب أثر الدين في نفوسنا . وكيف سيكون مستقبل هذا الوطن وشبابه بعيدين عن قيم الدين وأدواته ونظرتهم للقادم الجميل ، حسرة وندم وضياع للمستقبل ، تقدم يقودنا إلى التأخر هذا التقدم وأدواته من صنع رجالنا والمستلم له شبابنا ويظهر عليهم من خلال التخزين بشكل مغاير على ما كان عليه الآباء الذي كان القات وسيلة للمساعدة لهم في عمل البناء للقصور والدور وحرث الأرض وبناء المدرجات والسدود ، واليوم شبابنا أصبح القات بالنسبة لهم وسيلة لمضيعة الوقت واللهو والصلوات ولبس السلاح وتخويف الناس به والمشي بعد المشائخ لنهب الممتلكات وابتداع التفحيط بالسيارات أثناء العرسات وإطلاق الرصاص وقطع الطرقات ونشر الأحقاد وتفعيل الخصومات وغياب الدولة ونهب الممتلكات في ظل صراع الأحزاب والجماعات ، هذه هي قصة اليمن شعب ووطن ، فمن يخرجنا مما نحن فيه من صراع وآلام تنهي ما نراه من اقتتال ودمار في أبين ودماج وفي كل اليمن بالرجوع إلى الخالق الرحمن بصدق العبادة وصدق التوجه وصدق الأمانة والمحبة فيما بيننا .
اللهم يا معلم موسى وآدم علمهم ، ويا مفهم سليمان فهمهم ، ويا مؤتي لقمان الحكمة وفصل الخطاب آتهم الحكمة وفصل الخطاب ، اللهم علمهم ما جهلوا ، وذكرهم ما نسوا ، وافتح عليهم من بركات السماء والأرض، إنك سميع مجيب الدعوات.. اللهم آمين..
محمد أمين الكامل
قصة شعب ووطن (2) 1349