مع إشراقة كل صباح جديد ينتظم في طابور الصباح ملايين الطلاب والطالبات في مدارس أمانة العاصمة ومدارس عموم محافظات ومديريات الجمهورية اليمنية في تظاهرة فريدة من نوعها, إذ ينتظم الطلاب والطالبات انتظام عقد اللؤلؤ لتأدية التمارين الرياضية وسماع الإذاعة المدرسية, فهؤلاء الطلاب دفعوا بأنفسهم إلى المدارس باعتبار المدرسة المحضن الفريد والمتميز الذي يتخرج منه الطبيب والمهندس والطيار والضابط, ذلك لأن المدرسة هي منهل العلم وباكورة العمل, فالطفل منذ سن السابعة يجب أن يُلحق بالمدرسة ولا يزاول أعمالاً مضنية كبيع الماء في الجولات أو مساعدة الأب في زراعة وحصاد الأرض في الأرياف, لأن من المفترض أن يكون شغل الطفل الشاغل هي مدرسته وكتبه ودروسه, فجل القوانين الوضعية تُجرم عمل الأطفال من سن السابعة وحتى الثامنة عشرة من العمر..
فعلى الطلاب أن يبقوا في مدارسهم ولا يتركوها لمزاولة أي من الأعمال بدافع الحاجة والضرورة, إذ يجب أن يتعاون الجيران فيما بينهم ويسعى الجيران الميسورون ومن لديهم فضل مال إلى تلمس معاناة وهموم جيرانهم من الفقراء والمساكين والأيتام كي يذللوا العقبات أمامهم ويساهموا ولو بجزء بسيط في رعاية مثلى للطلاب الفقراء والمساكين والأيتام, فالنبي والرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نفى صفة الإيمان عن جيران ينامون شباعاً بينما أحد جيرانهم ينام وهو جائع, فمليون طفل خارج المدرسة بفعل الفاقة والفقر وأسباب أخرى, إذ يجب على المجتمع أن يتكامل وأن يتعاضد ويتآزر, فابن الجيران الذي سيحرم من التعليم بسبب فاقته وعوزه وفقره سيكون في المستقبل القريب وبالاً عليهم, فهو بدون تعليم يا ترى ماذا سيفعل في حياته المستقبلية؟.. وسيكون عالة على جيرانه ويؤذيهم بأفعاله البلطجية, فهو بدون تعليم وبدون عمل يتكسب منه ويساهم ولو بجزء بسيط في تقدم المجتمع ورفعته من أجل السعادة والمجتمعية ونيل أرفع الدرجات في الحياة الدنيا والآخرة نحو تعزيز وحدة المجتمع وتماسكه وخلوه من الأمراض والعلل المجتمعية الفتاكة التي تقوض ببنيان المجتمعات العملاقة.
إننا ندعو أولياء الأمور والفعاليات المجتمعية إلى بذل كل ما في الوسع من أجل الإبقاء على الطلاب في مدارسهم دون تسرب أو انقطاع لممارسة أعمال يمكن أن تدر على الأسرة بعضاً من الريالات لكنها في نهاية المطاف حسرة وندامة حينما يمر العمر الطويل.. وبهذا كبر بدون تعليم وبدون عمل راقٍ يؤمن مستقبله ومستقبل أولاده, فصحيح أنه تركه مدرسته سيوفر على الأسرة مبالغ الإنفاق عليه وعلى تعليمه وسوف يدر دخلاً إضافياً جراء بقاءه في الحقل والمزرعة أو في الجولات ببيع الماء لرواد السيارات وللدراجات النارية أو يتسول الناس, إلى أنه يساهم في إضافة عبء ثقيل على المجتمع وفي تفشي ظاهرة التسول التي تظهر المجتمع اليمني بمظهر غير لائق بين المجتمعات العربية والإسلامية والمجتمعات الدولية والعالمية.
علينا أن نتعاون مع وزارة التربية والتعليم ومكاتبها في فروع المحافظات والمديريات والمناطق التعليمية والتربوية بغية محاصرة الجهل والأمية وكتابة المستقبل المشرق والسعيد للأمة اليمنية الواحدة.. وإلى لقاء يتجدد إن شاء الله والله المستعان على ما تصفون.
عصام المطري
ابقوا في مدارسكم!! 1380