يتحدث الناس عن قيادة السيارات كمتعة وفائدة بعد أن أصبحت ضرورة لتسيير أمور الحياة كما ينبغي سواء لدى المرأة أو الرجل، فبعد أن أصبحت المرأة عاملة ومنفقة, بل وبعد أن أصبحت ربة أسرة بكل المقاييس أصبح من الصعب عليها أن تنتظر تقديم العون، وإنما أضحت هي صاحبة المبادرة..
لكن ما لا يدركه الكثير من الناس أن قيادة السيارات بالنسبة للجنسين فن من فنون الإدارة أيضاً، وهي سلوك منتخب في مجال تقدير الذات وتقدير الآخرين أيضاً، فالقيادة فن لأنها مبنية على أسس وقواعد إنسانية عظيمة تعطي للآخرين حقوقهم وترًوض أولئك الجالسين على مقاعدها احترام حق الطريق بمن يقف عليه أو يمشي بمحاذاته أو يحاول عبوره إلى طريق آخر..
هي ترويض لأصحاب القلوب الضيقة والصدور الحرجة حتى يتعلم ألا شيء في الحياة يمكن أن يتم وفق إرادة البشر، ولا شيء فيها يسير بعشوائية، ولا يمكن أن يكون الإنسان، بمفرده, صاحب قرار، فكلنا يملك قراراً يمكن أن يكون لمصلحة آخرين.. هي فن لأنها نوع من أنواع السلوك المنطقي، فإذا كان البعض من حولك يسير على اثنتين إلا أنك تسير على أربع ,ولهذا يجب أن تكون أكثر حكمةً وعدلاً وإحساساً بالمسؤولية.
قيادة السيارات وإن أصبحت ضرورة للكثيرين نتيجة لتوسع المدن واتساع نطاقها الإداري والوظيفي, إلا أنها تبقى أداة تحسين لصورة الإنسان الحضاري، فلا يعني أنك سائقُ ماهر أن ترتكب في حق نفسك وحق من يسير أمامك على الطريق أي حماقات تظهرك كمخلوق متعجرف ليس له أي صلة بالمدنية أو التحضر.. ما يخيف اليوم هو نسبة الحوادث التي نقرأ عنها كل يوم، والتي أصبحت تثقل كاهل المجتمع بعدد لا يستهان به من الإعاقات تجعل مسألة القيادة في نظر البعض أداة قتل عمد يحب أن ينطبق على مرتكبها أقسى العقوبات.
من وجهة نظري هي فعلاً أداة موت إذا لم نتعامل معها كوسيلة لتحسين أنماط الحياة اليومية وتوفير الوقت والجهد المبذول لتحصيل أعلى وأرقى مراتبها.. لذا يجب على كل من يجلس خلف ذلك المقود أن يدرك أن كل من يسير إلى جواره من الجهات الأربعة يحتاجون للحياة بقدر حاجته لها ويخافون من الموت بقدر ما يخاف هو، ولا بد إذاً من القيادة بفن وحكمة وحب ومدنية.
ألطاف الأهدل
لماذا هي فن؟! 1458