أجرت كلية طب الأسنان في إحدى الجامعات الأمريكية قبل عدة سنوات تجارب عملية كلفت الكثير من الجهد والمال, وقد أظهرت نتائج هذه التجارب أن مرض الأسنان وتسوسها يمكن تفادي وإنقاص نسبة حدوثه إلى 60 % وذلك عن طريق تنظيف الأسنان بالفرشاة أو غسلها بالماء بعد تناول الطعام مباشرة وقد كانت خلاصة هذه التجارب مدعاة لملاحظات دقيقة إذ أن فساد الأسنان على ما ظهر هو من أمراض المدنية.. لا يصيب إلا أفراد الأمم المتقدمة.. في حين أن الشعوب المتأخرة الفطرية لا تعرف إلا القليل من هذا المرض وقد أيدت هذه النظرية الفحوص المجراة على جماجم بشرية من مخلفات الهصور السابقة للتاريخ, إذ لوحظ أنها مازالت محتفظة بأسنان كاملة.
ومن المؤد أن المشكلة التي نعانيها في أسناننا ترجع إلى الكمية الكبيرة من السكر والمواد التشوية التي نستهلكها بكثرة.. وقد أثبت الطب الحديث بصورة لا تدع مجالاً للشك أن فساد الأسنان ينتج بالدرجة الأولى من المواد السكرية القابلة للتخمر والموجودة في طعامنا, كالسكاكر والمرطبات المحلاة بالسكر, فعند تناولنا الطعام تندس مقادير من السكر في تجاويف أسناننا فتقوم الجراثيم الموجودة بصورة دائمة في أفواهنا بتحويل هذا السكر إلى مواد حمضية تفعل فعلاً السيء في أسناننا وقد زودتنا الطبيعة بنوع من السلاح لمقاومة هذه الحمضيات وهذا السلاح موجود في اللعاب وعمله تخيف حدة الأحماض ضمن مدى محدد وذلك فإن الأشخاص الذين يتناولون طعاماً قليلاً سكره, يكفيهم هذا السلاح الطبيعي لوقاية أسنانهم من التسوس دون حاجة للاستعانة بالأدوية والعلاجات.. أما أولئك الذين يسرفون في تناول الحلويات والعصائر والمرطبات فحالهم يدعو إلى الرثاء.
ويحدث تسوس الأسنان وتآكلها نتيجة لسلسلة من الهجمات السريعة المتتالية التي تقوم بها الأحماض على الأسنان وتتركز تلك الضربات على الطبقة الرقيقة من الميناء التي تغطي الأسنان منذ الدقائق الأولى لتناول الحلوى أو العصائر والمرطبات وتختلف نسبة تأثيرات الأحماض على الأسنان باختلاف الناس, كما أن قوة المقاومة تتفاوت هي الأخرى بين شخص وآخر.
ولا شك في أن تنظيف الأسنان بالفرشاة قبل النوم وبعده وخاصة بعد الانتهاء من تناول القات, وعدم استخدام العيدان الخشبية لإخراج بقايا القات من تجاويف الأسنان, ذلك الإجراء الصحيح بالمحافظة على الأسنان ويكسب الأسنان جمالاً والفم رائحة طيبة.. ولكي نحمي أسنانا من النخر يجب غسل الفم بالماء بعد كل وجبة وبعد كل مرة يتناول فيها الإنسان حلويات واستخدام العلاجات المطهرة (المضمضة) أو الماء العادي, مع ضرورة شرب الماء بعد تناول الحلوى والعصائر والمرطبات السكرية وحبذا لو أفسح الناس في جيوبهم أو محافظهم المجال لمسواك أو لفرشاة صغيرة للأسنان لاستخدامها كلما سنحت الفرصة وتلك عادة صحية لا تخلو من فائدة.. كما أن تنظيف الأسنان بواسطة الخيط المخصص لتنظيف الأسنان بشكلٍ يومي, وبزيارة طبيب الأسنان كل ستة أشهر لفحص وتنظيف الأسنان, فإذا واضب الإنسان على هذه العادات وتقيد بالتعليمات الآنفة الذكر حمى أسنانه من الأمراض والآفات.. وأن نكون قدوة لأطفالنا في تعوديهم وتنشئتهم منذ الصغر على تلك العادات الصحية السليمة.
د. عبد السلام الصلوي
من أمراض المدنية فساد الأسنان 1372