تمايزت التجارب السياسية للحركات الإسلامية في العالم العربي بسبب طبيعة علاقتهم تاريخياً مع السلطات الحاكمة أو بسبب اختلاف التجربة في إدارة الشأن العام أو بسبب الخصوصيات الداخلية والبيئية المحيطة وهو ـ بالمناسبة ـ اختلاف في الدرجة لا في النوع، لكن لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك صعوبات مشتركة تواجه حركات ما يسمى ـ الإسلام السياسي ـ وفي هذا الصدد تشكل هذه التحديات مفاتيح أساسية لفهم مسارات هذه الحركات ويمكن من خلالها التكهن بمستقبلها.

ومن هذا المنطلق يمكن الإشارة إلى أن مجمل هذه التحديات تنبع من حقلين أساسين أحدهما ذاتي يتعلق بمشروعها وخطابها وأدائها السياسي ونشاطها وعلاقتها مع المجتمع وكذلك مع الحركات السياسية الأخرى ومدى قدرتها على تكوين تحالفات سياسية كونها تشكل الطيف السياسي الأبرز والحقل الثاني: يتعلق بالتضاريس الإقليمية والدولية والداخلية التي مازالت متوجسة من نوايا حركات الإسلام السياسي المستقبلية وبالتالي ستصمل بلا شك غير أجهزتها الاستخبارية واللوبي (الليبرالي) على إفشالها ما لم تقدم الحركات السياسية الإسلامية خطوات تظمئن منا خلالها القيادة الغريبة بالمشروع الذي تحمله ـ وهذا ما لم يحدث بالنسبة لمصر وهو ما أدى إلى حدوث الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب وسط صمت الدول الراعية للديمقراطية والتي لو لم تكن راضية واستخدمت إمكانيتها في الوقوف للحيلولة ضد ما حدث لم حدث إضافة إلى الحكمة الإلهية من هكذا عمل.

قبل الدخول في التفاصيل علينا أن نتذكر أن عقب التحولات العربية وفي السنوات الثلاث الماضية أن الإسلامين وصلوا إلى السلطة لكنهم لم يحكموا وتعرضوا لحملات عنيفة شاركت فيها أكثر من قوى وأكثر من دولة لإفشالهم ولم يفشلوا ولا يستطيع أحد أن يثبت هذا الكلام حركات الإسلام السياسي إبان إشرافهم الأولى أثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك مدى حضارتهم ومدنيتهم وديمقراطياتهم وقدموا للعالم أنبل صور أدهشت العالم أجمع وجسدت بذلك المفهوم الحقيقي للإسلام الذي ظل مركوماً عدة قرون تحت وطأة التصورات المادية وفلسفتها في الحكم وتعديمها صورة شوهت عن تصور الإسلام ومنهجيته في الحكم.. مما جعلت الأخرين مرعبين من الإسلام السياسي..

ارتضى الإسلام السياسي قواعد الديمقراطية والتصالح لها ولم ينقلب عليها حتى صنع السلطة بجهد الحركات الإسلامية التي ضحّت كثيراً من أجل الوصول إلى السلطة التي هي استحقاق دستوري مادام أنها استطاعت إقناع الشارع ببرنامجها ـ إلا أن هذه المحاولات اصطدمت بخطة أخرى جرى تصميمها من قبل المتضررين من الثورات العربية أولاً ومن حكم الإسلاميين ثانياً وسعت عبر وسائلها ودولتها العميقة لإجهاض المرحلة التي عقبت حكمهم خصوصاً أنها أتت بالقوى التي ما برحت إبان حكمها عن تشويها وتغير صورتها في العالم كله والمجتمعات العربية بشكل خاص.