الجميع كان يتفهم حصول بعض التقصير من قبل محافظي ما بعد الثورة وتذبذب بعض الأوضاع الأمنية في أكثر من محافظة بسبب الأوضاع الاستثنائية للبلد ومن أجل الحفاظ على التوافق السياسي, حتى انتهت مرحلة الاحتراب المباشرة وتمنى المواطن أن تستقر أوضاعه وتبدأ عملية الإصلاحات وتحسين البنية التحتية في المحافظات..
مالم يكن في الحسبان أن بعض المحافظات أمثال تعز وذمار وحجة وصعده وإب.. إلخ, تزداد عملية التدهور الممنهج للعملية الإدارية والمال العام والوظيفة العامة وتزداد حالات النهب للأراضي, وفي بعضها حالات التدهور الأمني وتوغل الفاسدين والطائفين في القرار ببعض المحافظات على حساب الثورة, لا بل وصول بعضها إلى حالات التمرد على قرارات وتوجيهات الرئيس واللجان المشكلة من قبله لإصلاح وحل بعض القضايا من قبله, وكذلك رفضهم لتعيينات مجلس الوزراء التي تعالج بعض الخلل هنا وهناك, إلى درجة بتنا نشعر أن الذي يحصل ليس مجرد تمرد على قرار أو حل لمشكلة, إنما هو حرب خفية تهدف لإضعاف الرئاسة والقرار الحكومي والاستمرار في الإبقاء على الحال كما هو بهدف إيجاد سخط عام على النظام القائم وتحديداً رئاسة الجمهورية وحكومة الوفاق لخلق قناعات معينة بمشروع قادم في الطريق سواء بطريقة سلمية عن طريق الصندوق أو بغير ذلك..
ومع ازدياد حالات التحدي بين بقايا النظام (صالح ورفاقه) وبقية تحالفاته الانفصالية والسلالية والمصالحية, ومع مشروع الانتقال السلمي للسلطة ممثلاً بالمبادرة والآلية التنفيذية ممثلة بالرئاسة والرعاة والمبعوث الأممي, إلى مرحلة مفصلية (كسر العظم) بين الطرفين.. المحاولات الأخيرة لجر البلاد للفوضى والإحتراب والخراب والتدمير للاقتصاد وخروج البعض عن إطار اللعب السياسي بهذه الأوراق, إلى مرحلة السب والشتم العلني لمبعوث الأمم المتحدة ومحاولات عرقلة الحوار.
أصبح اليوم لزام على الرئيس هادي أن يعيد ترتيب أوراقه وأهمها معاونيه في المحافظات (المحافظين), وإيجاد بدائل تتماشى مع سياسته والحكومة بهدف استقرار الأوضاع والبدء بإصلاحات يلمسها الواقع, وتتزامن هذه الخطوة مع تقرير واضح وشجاع في نهاية هذا الشهر يسمي بالاسم الذين يعرقلون الفترة الانتقالية ويتخذ حزمة من القرارات التي تردع هؤلاء المخربين وتعيد الأموال والسلاح المنهوب لخزينة الدولة.
ومع قناعتنا بالرئيس هادي وبحنكته وبالمبعوث الأممي وحياديته فإنه مالم تتخذ هذه الإجراءات الإسعافية فإن الموت قادم للحوار وللعملية الانتقالية والشعب قد يقول كلمة أخرى, لأن الكيل قد طفح وقد يقوم الشعب بثورة ثانية تعيد البلاد والثورة إلى جادة الآمال التي خرج قبل سنوات يرغب بتحقيقها بغض النظر عن النتائج المترتبة عليها.
أملنا أن يعي الرئيس والمبعوث الأممي مناشدات اليمنيين وآلامهم من المهرة إلى صعدة, وأن يضعوا حداً لهذه المهزلة.. كما أننا نأمل من هؤلاء أن يعوا أن الاستغلال السيئ للحرية ومرونة الرئاسة والحكومة تصبح جرماً في حق الوطن وخيانة للأمانة التي أعطاهم الشعب إياها سيتحملون مسؤولياتها التاريخية والقانونية عاجلاً أم آجلاً.
فؤاد الفقيه
الرئيس هادي وحرب المحافظين 1260