لكل سلبية يرتكبها الإنسان بحماقة وقلة احترام للمسؤولية آثار جانبية كبيرة، لكن ما بالنا حين تكونت تلك السلبية وقلة احترام المسؤولية صادرة من جهة رفيعة يناط بها حماية الإنسان والحفاظ على حقوقه أياً كان نوع تلك الحقوق أو حجمها أو أهميتها.
القضاء في بلادنا مسؤول تماماً عن حجم الرقعة المتفاقمة يوماً بعد يوم من الفساد الذي لم تعد تحده الحدود أو تمنعه القيود ممن الانتشار في ظل لا دولة ولا مواطن..
القضاء هو المسؤول عن الجريمة التي يرتكبها من لا تنطق عليهم مواصفات الإجرام ولم يفعلوا ما فعلوا إلا وهم يائسون من قضاء متحيز إلى صفوف أصحاب الدفع المسبق!.. قضاء يصبح يوماً بعد يوم سبباً من أسباب الجريمة وأداةً من أدواتها.
ذلك المطل والتسويف وخلق الأعذار الذي ترتكبه محاكم اليوم يعد شاهداً قوياً على أن القضاء أصبح شريكاً رسمياً للفساد العريض الذي يعانيه الوطن ويحمل تبعاته المواطن الضعيف الذي لا حول له ولا قوة.. فلكل قضية في محاكمنا مكان لا تغادره، بل إن بعض القضايا التي كان البت فيها واجباً وضرورة قضى أصحابها نحبهم قبل أن يحصلوا على حكم عادل إما داخل السجون أو خارجها..
ولكمن أن تخيلوا حجم المظالم الذي يقع على عاتق قاضٍ لا يحكم بما أنزل الله, بل ويتغاضى عن إطلاق سراح الأحكام التي لا تحتمل التأجيل، فكم من طفلٍ أو امرأة أو شيخ مسن غادر أبواب المحكمة شاكياً باكياً إلى الله.. عدالة جائزة وقضاة يخلطون الحق بالباطل، (ألا ساء ما يحكمون).
فالقضاء إذاً هو الشريك الرسمي والراعي الذهبي لأصحاب المذاهب الواسعة والذمم الفاجرة ممن يسرقون أقوات الناس ويهتكون أعراضهم ويقتلون طموحاتهم وأحلامهم البسيطة، وليس هناك من مهرب لمثل هؤلاء إلا ذلك الركن الشديد والحصن الحصين الذي يحمي مصالحهم ويتستر على جرائمهم مقابل ثمن بخس دراهم معدودة من دراهم الدنيا الفانية، فما عساهم قائلون لرب العباد يوم تبيض وجوه وتسود وجوه؟, أين سيخفون وجوههم من نبي الأمة الذي قال عنهم من قبل: (قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة)؟, أي ثوب سيخفي سوءاتهم يوم يقوم الأشهاد لرب العباد؟!.. لعل من أهم ما يمكن أن تقوم به حكومتنا الرشيدة في ثوبها القادم الجديد إصلاح حال القضاء والارتقاء بمسؤولياته من مجرد الفصل إلى التطبيق وإحلال العدالة بدلاً من التنظير لها.
ألطاف الأهدل
فساد القضاء مسؤول عن ذلك.. 1480