تعاني البلاد العربية من استبداد الأنظمة القائمة، التي تعتبر أن ممارسة الديمقراطية، هي ممارسة تتناقض مع مصالحها، كونها أنظمة استبدادية.. وهذه الأنظمة إذا سمحت بما نسميه بديمقراطية الواجهة، فلأجل حماية مصالحها، في إطار علاقتها مع المؤسسات المالية الدولية، ومع الدول الرأسمالية العالمية.
ولعل الديمقراطية التي لا تضمن تحقيق الحرية الحقيقية والعدالة الاجتماعية لا يمكن أن تكون إلا ديمقراطية تلميع الواجهة.. ففي ظل هذه الأنظمة تزداد البطالة انتشاراً في البلاد العربية، وستقف تلك العطالة وراء قيام أزمات أخرى، ووراء انتشار المزيد من الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وسيصير المجال العربي، من المحيط إلى الخليج أكثر إنتاجاً للإرهاب المادي، والمعنوي، وفي أفق تعميق الاستبداد القائم، أو ترجيح فرض استبداد بديل أكثر تخلفاً، وأكثر عداء للعلمانية، وللدولة المدنية الديمقراطية.
ولا بد من انتهاج ممارسة ديمقراطية حقيقية، تكون فيها الكلمة للشعوب العربية، الذين يستطيعون تقرير مصيرهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، ويعملون على دعم بناء دولة مدنية، بمؤسسات تنفيذية، وتشريعية، وقضائية مستقلة عن بعضها البعض، وبقوانين متلائمة مع الواقع المتحول، والمتطور من جهة، ومع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من جهة أخرى.
إن هذا الحرمان الذي تعيشه الشعوب العربية والذي اتخذ طابع التأبيد من قبل الأنظمة الاستبدادية، يقتضي الفضح، والتعرية، وتوعية الجماهير الشعبية الكادحة بضرورة الانخراط في ذلك، والنضال من أجل ديمقراطية حقيقية، تضمن التمتع بالحرية، وبالعدالة الاجتماعية.
يقول الباحث العربي/ محمد الحنفي إن انتشار البطالة في صفوف العاطلين، والمعطلين، بسبب طبيعة الطبقة الرأسمالية التبعية، التي تحكم كل بلد من البلاد العربية، وبسبب سعي تلك الطبقة المتواصل، في اتجاه مضاعفة استغلالها، لإحداث تراكم هائل في ثرواتها، ولخدمة مصالح الرأسمال العالمي، من خلال خدمة الدين الخارجي من جهة، وخدمة مصالح الشركات العابرة للقارات من جهة أخرى.
وهذا الاستغلال المزدوج للكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، لا يؤدي بالضرورة إلى إحداث تنمية حقيقية، تؤدي بالضرورة إلى تشغيل العاطلين، والمعطلين من خريجي الجامعات والمعاهد، والمدارس العليا، ومدارس التأهيل والتكوين، نظراً لطبيعة العقلية الاستغلالية الهمجية.
إيمان سهيل
ديمقراطية تلميع الواجهة 1342