دماج اليوم تحتل الصدارة في المشهد السياسي والإعلامي اليمني, ولا غرابة في ذلك, فالحصار يأتي ضمن حلقة في مشروع يهدد استقرار المنطقة ويعمل على استئصال هويتها ويعمد إلى تغيير الخارطة السياسية والاجتماعية وفق رؤيته وتصوراته بقوة الحديد والنار, وهذا المشروع أكبر ممن يمارسه وأعظم, لولا وقوف دول إقليمية داعمة لهذا المشروع وممولة له ومدربة لعناصره لكان الفشل حليفه من أول يوم.
إذاً فالذي يحدث اليوم ليس اعتداء عابراً أو مجرد نزاع على جبل البراقة, كما يردد الحوثيون, أو وجود وافدين من دول أخرى!.. موضوع الحصار يأخذ بعداً وعمقاً أكبر مما نتصور بكثير, خاصة في ظل تفاهمات إيرانية وأمريكية وغياب وجود مشروع مقاومة منظم ومتكامل.
المأساة الإنسانية الناتجة عن الحصار مؤلمة ومحزنة تتطلب جهوداً واسعة وكبيرة لإنقاذهم والتخفيف من معاناتهم, لكن الآلم من ذلك هو حالة الإغماء السياسي التي أصابت الدولة فيما يخص الحصار, لا أستسيغ ما يطرحه البعض من مبررات لذلك الإغماء, فحتى القناة الرسمية تتعاطى مع الحصار بشكل سلبي.
الحوثي ليس مرتاحاً لسير الصراع الذي فتح بابه بحصار دماج, فهو الآن يخضع لحصار القبائل المناصرة لدماج وهو يعاني أيضاً من هزيمة نفسية كبيرة نتيجة سقوط صورة الكبرياء التي عمل على صنعها لنفسه خلال الأعوام السابقة, بحيث ظهر عجزه أمام صمود أهالي دماج وأبنائهم, استمرار الحوثيين في هذا الحصار معناه فضائح إعلامية وخسائر سياسية وانحسار ميداني سيلحقهم حتماً.
الحوثيون شعروا بكل ذلك وقد بدأوا يتعاملون مع مساعي الصلح.. مساعي الصلح هذه تسعى لفك الحصار وإيجاد الحلول الملائمة حتى لا تتفاقم المشكلة وتتسع دائرة الصراع.. ما تقوم به الهيئة الشعبية لمكافحة المد الطائفي وغيرها من الهيئات مثل الهيئة الشعبية لفك الحصار وحلف الفضول كلها جهات تستحق التقدير.. فعلاً لم أكن على معرفة كافية بأهمية ما تقوم به هذه الهيئات حتى جمعني لقاء بالدكتور/ محمد الزهيري, رئيس الهيئة الشعبية لمكافحة المد الطائفي, وقد أطلعني فيه على كثير من التفاصيل المهمة والتي أحب أن أنقل لكم جزءاً منها في السطور التالية:
ذكر في معرض حديثه أن موقف الألوية وقيادة الشرطة العسكرية بصعدة رافض للحصار وليس متواطئاً كما قد يظن البعض, وقد كان ذلك واضحاً في تقديم تلك الألوية ل8 شاحنات من المواد الغذائية لأهالي دماج، وأيضاً في تبرع الجنود لأهالي دماج بقسط يوم من رواتبهم سلمت للهيئة.
وبخصوص التفاصيل المتعلقة بلجان الوساطة وما يتعلق بها, فهي على النحو التالي:
*اللجنة الرئاسية وهي برئاسة أبو أصبع، ومما يجدر الإشارة إليه بخصوص هذه اللجنة هو أن موقفها في بداية الأمر لم يرق إلى المستوى المطلوب بسبب تضليل الحوثي لها واستخدامه الخداع معها مع غياب الطرف الآخر، لكن موقفها تحسن إلى حد ما كما نلحظ في تصريحاتها الأخيرة.
*اللجنة الثانية وهي اللجنة البرلمانية برئاسة حسين الأسودي.
*اللجنة الثالثة وهي اللجنة الأمنية بقيادة محمد الحميري, قائد الشرطة العسكرية بصعدة.
*اللجنة الرابعة وهي لجنة المساعي الحسنة للهيئة الشعبية لمكافحة المد الطائفي برئاسة عبد الواحد المروعي.. كل هذه اللجان لها توجه جاد ومشكور لفك الحصار.
كما تجدر الإشارة إلى حالة النزاع الحوثي الحوثي التي تعد أحد أسباب تأخر الصلح بسبب وجود رأيين, الأول يرى الحل العسكري واستمرار الحصار وتركيع أهالي دماج, والرأي الثاني يرى فك الحصار وتنفيذ الصلح, بسبب ما استشعره من صمود أهالي دماج وما تجرعه من خسائر على المستوى الميداني والإعلامي والسياسي أيضاً.
ومما ذكره د. محمد الزهيري, بخصوص موضوع الطلاب الوافدين بدماج, أن الهيئة الشعبية تقدمت لوزارة الداخلية بأسمائهم من أجل ترتيب وضعهم, مؤكداً على أن وزارة الداخلية هي الجهة المعنية دون سواها بهذه القضايا.
حمير الريمي
عن حصار دماج ومساعي الوساطة 1381