;
حمدي الشريحي
حمدي الشريحي

اليمن تحاكم الحب السعودي 1492

2013-11-27 09:14:37


أسخر ويسخر مثلي الكثير من أن اليمن غدت تحاكم المتسللين إلى أراضيها بتهمة دخولهم غير الشرعي التي يظن المتابع لقضية الفتاة السعودية هدى آل نيران والشاب اليمني عرفات القاضي أنها ذات سيادة لا يمسح لأحد بانتهاكها أو دخولها بطريقة غير شرعية؛ على الرغم أننا نرى ونسمع أن هناك الآلاف من جنسيات صومالية أو أريتيرية يجتاحون حدود اليمن براً وبحراً؛ ولم يتم محاكمتهم؟.

أليس الأولى بالقضاء اليمني المشغوف بحب السعودية كشغف هدى بعرفات أن يحاكم الذين دخلوا أراضيه بصفة شرعية من أصحاب الخمارات المعقودة بحبل أسود من أجل إشباع رغباتهم الجامحة عبر الزواج السياحي من فتيات يمنيات لم يبلغنَّ سنَّ الرشد مستغلين بذلك معاناة المواطن البسيط الذي ظن أنه وجد فرصة مناسبة للخروج من ضائقته بمجرد أن يهب فلذة كبده لأحد هؤلاء مقابل حفنة من المال غاضا الطرف عن نواياهم السيئة التي يضمروها في قلوبهم.

إن ما قامت به الفتاة السعودية هو أخف ألف مرة من الزواج السياحي الذي يمارسه السعوديون في مخيم الزعتري بالأردن الذي غدا سوقا يقصدونه كلما أحسوا أنهم بحاجة إلى إشباع رغباتهم من لاجئات سوريات كُتب عليهنَّ الشقاء ومرارة العيش حتى أصبحنَّ مُرتعا سهلا لأصحاب الفخامة ينتقون منهنَّ الأحسن والأفضل من العذراوات مقابل 1000 دولار ليقضوا معهنَّ شهر العسل ومن ثم يرمون بهنَّ على قارعة الطريق ويعودون إلى بلدهم وأنعامهم تتضور جوعا بعضها فوق بعض تبحث عما يسد رمقها ؛ إن مَثَلُ هؤلاء كمثل كلبٍ يطأ غزالاً فأنجبت جرواً يرتدي عقالاً فوق رأسه.

ألا يخجل هؤلاء الحمقى من أنفسهم عندما يدَّعون الطهر والعفة ليطالبوا على استحياء بعودة فتاة طاهرة نقية خرجت من مجتمع يشوبه العنف الأسري والاضطهاد الاجتماعي لتعبر عن حريتها في اختيار شريك حياتها المناسب بعد أن جحد أهلها بتلك الحرية وحاولوا إرغامها على الزواج بمن لا تحب.

لقد غادرت هدى الفتاة العفيفة الطاهرة البريئة من منزلها وهي بكامل قواها العقلية والجسدية بناء على توجيهات قلبية بحتة بعد إدراكها جيدا للاضطهاد والتعسف الممارس بحقها من قبل أسرتها التي رفضت اليمني عرفات حينما جاء ليخطبها منهم وفقا للشرع وأبت إلا أن ترغمها على الزواج بالشخص الذي لا تحبه ضاربة برأيها عرض الحائط.

وصلت هدى إلى بلدها الثاني اليمن باحثة عن الأمان فاستقبلها حرس الحدود اليمني بحفاوة وأرسلها إلى صنعاء؛ وقبل أن تأخذ الفتاة نفسا طويلا من هواء صنعاء زج بها في السجن بتهمة دخولها بطريقة غير شرعية إلى اليمن.. فهل كان أفراد حرس الحدود في حالة سُكر حين مرت من أمامهم ونقلوها إلى صنعاء, أم أن القضاء اليمني مدمن على تناول الهروين السعودي؟.

إن الاستقبال الغريب للفتاة من قبل السطات اليمنية جعلها تشعر بأن اليمن ضاقت ذرعا بها وبدأت تشعر بخيبة أمل ، لكنها لا زالت تؤمن بأن هناك من سيقف معها وسينتصر لحبها وبالأخص رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة كونه ذا قلبٍ شفيق ستسقط دموعه بمجرد أن يسمع بقصة حبها كما جرت عليه العادة في المواقف المحزنة ، حتى أنه باع نفسه ذات يوم لمرضى السرطان دون مقابل.

بدأت المحكمة تعقد أولى جلساتها وجيء بهدى والأصفاد تكبل يديها لتوجه إليها المحكمة تهمة الدخول غير الشرعي التي تعد جريمة خطيرة تمس سيادة جمهورية اليمن العظمى التي ينتهكها ستون ألفا في اليوم الواحد من أبناء شقيقتها الصومال.

ورغم أن اليأس قد خيم على نفسها إلى أنها رأت بصيصا من الأمل في منظمة الهجرة الدولية التي تبذل جهوداً كبيرة لتمكينها من الحصول على حق اللجوء الإنساني المكفول من الأمم المتحدة، وعندما كانت الفتاة قاب قوسين أو أدنى من تحقيق ذلك ، خرج لها الداعية الإسلامي عبدالقادر قحطان ليغلق أمامها أخر الأبواب المفتوحة ولسان حاله يخاطبها عودي من حيث أتيتِ ؛ ليتم بعد ذلك حضر زيارتها من قبل أي منظمة دولية ومحلية من شأنها أن تسهل لها الحصول على اللجوء حتى كاد أن ينتهي الأمر بها إلى الانتحار.

لم ينته الأمر بعد؛ فالغرائب مازالت تتوالى على أسماع فتاة الحب هدى فقد أطل الناطق الرسمي باسم القضاء اليمني!! السفير السعودي- برأسه من صحيفة عكاظ السعودية ليعلن وبكل وقاحة وتبجح أن المحكمة ستصدر حكما بترحيل الفتاة وكأن المحكمة ملكا لأبيه أو جده ؛ وهذا في حد ذاته يعد انتهاكاً خطيرا يمس استقلالية القضاء اليمني المنتهك ، وكان من المفترض أن يرد عليه مسؤولينا المغضوبِ عليهم ولا رضي الله عنهم ولا هداهم سواء السبيل.

عليكِ أن لا تقلقي يا عزيزتي فأنتِ الآن في كنف دولة يحكمها ثُلة من غريبي الأطوار، فلا تغتَّري بخطابات الرئيس المحشوة بالتهديدات والوعود ، ولا تنتظري من دموع باسندوة أن تُفجر لكِ من الأرض ينبوعاً، فتلك الخطابات وتلك الدموع لا تُغني ولا تسمن من جوع؛ لا تُنبت زرعاً ولا تُجنى ثمراً.

صحيح أننا نحن اليمنيون لا نمتلك دولة تدافع عن حقوقنا وحقوق الآخرين إلا أننا أرق قلوبا وألين أفئدة نكرم الضيف ونجير المستجير ونهبُّ لنصرة المظلومين ، لذلك عليكِ أن تكوني مطمئنة ، فنداء الاستغاثة التي ناديتِ به اليمانيين «أنا بوجوهكم يا أهل اليمن» قد استوعبوه جيدا، ولن يخذلوكِ وسيقفون إلى جانب حبكِ العفيف حتى يتكلل بالزواج الشرعي.

وأود أن أتوجه هنا بالدعوة لكل اليمنيين إلى التضامن مع قضية هدى باعتبارها قضية إنسانية اجتماعية بحته لا قضية سياسية تُثيرها وسائل الإعلام لتأجيج الوضع بين البلدين والشعبين اليمني والسعودي على غرار الحملات التفتيشية التي تقوم بها السلطات السعودية لترحيل اليمنيين المخالفين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

سيف محمد الحاضري

2024-11-17 01:32:44

التساؤلات المؤلمة

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد