إننا لم نحقق في واقعنا أو لم يتحقق في أنفسنا "قانون الألم الإلهي" أو حتى لم نتعب أنفسنا وفكرنا لنبني مؤسساتنا, فلم نقف متأملين ومتألمين وعاملين عند قوله تعالى: (ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون... الآية) فهم يخططون ويطبخون ونشتم نتن وعفن طبخاتهم في الداخل العربي والخارج الغربي، وبدلاً من القيام برد الفعل بمثله (الألم) نكتفي بسد أنوفنا تجاه عفنهم مادين لهم أيدينا.. فللمتآمرين المغضوب عليهم والضالين مطابخ هنا وهناك ويألمون ويعملون عبر مؤسسات وخبراء متخصصين.. في حين أننا نتألم ولا نعمل بل نشخص حالنا وكوارثنا عبر عواطف فنزيد في الأمة العواصف فلا يوجد لدينا مطبخ مؤسساتي في الدوحة -مثلاً- ولا في تركيا؛ لأن عاطفتنا التي خذلتنا جعلتنا نتعامل مع بعض النصوص القرآنية التي تقر برد الاعتداء بمثله، فنغيب عقولنا لنغيب في تلك النصوص حقائقها لتطلق عواطفنا عليها "مجازا أو مشاكلة" لنتعامل مع الاعتداء البين -وبشكل مهين وهين - تحت سقف إذا بسط لك المتآمر كلتا يديه دافعا إياك وقطع لك يداً واحدة أو رجلاً, فلا بأس أن تقابل بسطه ودفعه في الاعتداء بمد يدك الأخرى لتوافقه وعلى إبقائها لك تشكره ولا تكفره وبمدحك له تعطره!.
ففي شرعنا وفي قرآننا - كما أولته عواطف فقهائنا السابقين وتبعهم فقهاؤنا اللاحقين -لا يجوز رد الاعتداء بالاعتداء فآية (من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) مجازية تحضر فيها الوجدانية للمفسر وتغيب عقلية المفكر؛ فلا تملك الحقيقة إلا أن تتراجع لتظل الأمة تتوجع، ليتصدر "المجاز" وتتصدر إملاءاته بالتوافق مع "الحجاز".. وانخداعاً وراء مجازية العبارات لم يشكلوا مطبخاً مؤسساتياً كما هو حاصل في الإمارات.. فالعاطفة تقول دعك منهم فذلكم سفهان السياسة "والنعم والكياسة".. كما أن الله قال (وجزاء سيئة سيئة مثلها), فلم نجد إلا العاطفة التي تلوي العقلانية نفسها لتغيب هنا أيضاً الحقيقة -حسب المفسرين, ففي الآية مجاز علاقته المشاكلة وهو تأويل وفهم لم يحل مشاكل الأمة ولم يبق لها سوى المشكلة!..
حتى التفسير والتأويل لكثير من آيات القرآن نهج المفسرون فيه نهجاً عاطفياً.. فالله يذكر رد الاعتداء ويذكر المثلية فيه، بيد أن المفسرين انجروا وراء عواطفهم ومن جاء بعدهم ليحتل هذا التأويل "مرتبة القداسة" ويقتل في حاضر أمتنا "فقه الكياسة".. لننجر أيضاً وراء كوارث العاطفة ولا نفكر تفكيراً في بناء مؤسسة فكرية اعمل بروية وتدوس في طريقها العاطفية وتشخص المرض بدقة لتضع الدواء بالدقة نفسها.. إننا سنظل نتألم, لكن أبداً من قرآننا لم و لن نتعلم!.
د.حسن شمسان
المتآمر يتألم.. ونحن من أخطائنا لم نتعلم! 1350