كان لابد للجهات المسؤولة أن تدرك مخاطر تلك الألغام المزروعة والمحصنة ومدى تأثيرها على الواقع وعلى المرحلة الانتقالية؛ فمنذ وقت مبكر ومثل هذه الألغام تنفجر هنا وهناك وعلى حسب التوقيت والطلب, فيبدو من الواقع أن الجهات المعنية لم تتمكن من كسحها وتعطيلها قبل انفجارها مكتفية بذلك التواجد إلى مكان الحدث بعد انفجارها ومن ثم يتم تدشين المراسيم التحليلية والتصريحات والشجب والإدانة والتحضير لتشكيل لجان الوساطات والمساومات وهكذا تهدر الأوقات وهكذا تفقد السيطرة ويصعب تنفيذ الأوامر والتوجيهات, فلربما الكثيرون يدركون مثل هذه الألغام التي زرعت وتزرع؛ منها المخفية ومنها الجاهزة للانفجار هنا أوهناك- فيتم ملاحظتها واكتشافها في وقت متأخر عند الاعتداءات على المصالح العامة مثل الكهرباء والنفط والغاز والتقطعات واصطناع المواجهات والاغتيالات والمواجهة مع القاعدة وتجييش الشارع على زعزعة الأمن والاستقرار وبث ونشر ثقافة الفوضى والانفلات ومحاولة تعطيل التوافق على رسم اليمن الجديد وإشعال المواجهات بين المكونات والجماعات..
وكل هذه الألغام ربما تعتبر كمحاولة بعد أن فشلت أن تنفجر في المواجهات العسكرية والقبلية و المناطقية والسياسية والطائفية, فكانت دماج هي المحاولة والمحطة الأخيرة في المشهد الحالي والأخير من الفصل الأول.. يتبقى المشهد الثاني من هذه الفترة والتي ربما تحضر فيها العديد من الألغام والقنابل التي لم تنفجر بعد, قد ربما يكون بعضها مكرر طرازها وبعضها سوف يكون على حساب الحدث والتوقيت وبعضها قد يختلف طرق وأساليب استخدامها أو محاولة مدى وأين سيتم انفجارها وانشطارها وعلى أية حدث يتم استهدافه في الفصل الثاني من هذه المسلسلات الهزلية؛ فمن هذا المنطلق ينبغي للجهات المعنية أن تعيد النظر في كيفية التعامل مع مثل هذه الألغام والقنابل الموقوتة التي محضرة ومجهزة للانفجار في أي وقت و أن تحرص على إزالتها وتعطيلها وعبر كاسحات الألغام الوطنية قبل انفجارها, فهناك شعب يموت ويحاصر في دماج وهناك شعب يبطش به هنا وهناك مستضعفون يصرخون من نافذين وعابثين فقدوا مصالحهم وهناك مناطق خارج سيطرة الدولة وهناك مقدرات ومنجزات شعب معرضة للانفجار والتشظي بسبب تلك الألغام والقنابل وهناك شعب يعود من المهجر يأمل الأمن والاستقرار والعيش بسلام وهناك مسؤولون ومحافظون يتعمدون التقاعس والمماطلة والتشويه والسكوت على تعطيل المصلحة العامة ومحاولة إلصاق التقصير والعيوب على القيادة وعلى الحكومة, فمثل هذه الألغام والقنابل المزروعة والموقوتة يجب على جميع شرائح المجتمع المدنية والعسكرية والأمنية أن يدركوا مثل هذه المخاطر وهذه الثقافات التي تنهجها العديد من القوى وعلى أيادي القائمين على المكاتب الحيوية والأمنية في العديد من المحافظات وحتى يتم كشف ألاعيبهم المخفية التي تنهج نهج الانتقام والتقاعس لما يهدف إلى إعاقة عجلة التغيير والبناء والتوافق والمشاركة في بناء اليمن الجديد.. والله المستعان..
د.فيصل الإدريسي
اليمن الجديد والألغام المزروعة!! 1310