لا يوجد البتة حزب ملائكي أو جماعة ملائكية، وبالمقابل لا يوجد البتة حزب شيطاني أو جماعة شيطانية، فالجميع ينتمون للإنسانية الملازمة للخطيئة، والذي يدعي لنفسه الصواب المحض والصدق المحض والإخلاص المحض والوطنية المحضة والعبادة المحضة والإيمان المحض؛ فقد نصب نفسه ليكون الحقيقة المحضة أو الحق المحض الذي لا يكون إلا لله وحده وللنبي المعصوم الذي لا نبي بعده.
فإذا كنا كلنا إنسانيين (لا ملائكة) فإننا كلنا خاطئون والخطأ منحوت فينا وفي صميم فطرتنا، كأفراد وأحزاب وجماعات، وهذ الخطأ ينتج غالبا عن انحدار الإنسانية صوب الذاتية أو العاطفية، فالفر قد يتعصب لذاته وهذا ليس عيباً, لكن إذا لم يخل تعصبه بالحق العام للآخرين كأفراد وحزاب وجماعات ومؤسسات، والحزب قد يتعصب لذاته وهذا قد لا يكون خطأ إذا لم يضر تعصبه بباقي الأفراد والأحزاب والجماعات والمؤسسات، ولم يضر بالوطن الكبير. من البديهيات والمسلمات أنه لا يوجد أحد في الوجود الإنساني والكوني إلا ويراعي مصالحه الذاتية على مستوى الفردية والحزبية والفئوية والقبلية لكن ينبغي أن يكون الحرص على الذاتية مراعياً للحق العام والمصلحة العامة للجميع.
فإلى كل شرفاء الأحزاب السياسية والجماعات الإسلامية والمؤسسات والنقابات المدنية والقبائل اليمنية إن حال لسان وطننا وإسلامنا -في سياق تآمر همجي على أمتنا - يقول: "تعالوا إلى كلمة سواء" يتسامى تحت سقفها الولاء لله والوطن، وتتسامى تحت سقفها قيمنا الوطنية وتتماهى تحت سقفها نوازعنا الذاتية ومصالحنا الحزبية والقبلية والفئوية، فنحن في سياق مظلم تتصارع فيه قوى إقليمية ودولية وقد حددوا مساحة اليمن العريض لتكون ميدانا لنزاعاتهم. إنهم (أي المتآمرون) يريدون التوسع وفرض الهيمنة على حساب دمائنا وأشلائنا وضيقنا، ويريدون تبادل التخمة على حساب تلوي أمعائنا من الجوع؛ ويتقاسمون الغنى على استمرار فقرنا؛ ويتوزعون السيادة على استمرار ذلنا، ويتبادلون تقسيمات الفرح والابتسامات على وقع ألمنا. هذه هي الحقيقة قد أصبحت جلية وواضحة لكل ذي عينين وأذنيين فكيف هي لصاحب الوعي والبصيرة!!
ألم يأنِ للعنصرية المقيتة بشتى سبلها أن تتراجع وتخشع لأنين الوطن الواحد والحق الوحد والحزب الواحد؟!.. لنفكر بمستقبل فلذات أكبادنا إن كنا نحن قد فاتنا القطار؛ لنتحرك ونتفاعل ونوقف المهزلة فإن في المزيد من الانتظار هو السير صوب "الانتحار والاحتضار" وفي المقابل يكون للمتآمرين الدوليين والإقليميين "انتصار"..
د.حسن شمسان
المزيد من الانتظار.. سير صوب الانتحار 1587