تعيش تعز منذ فترة تفاصيل حياة غامضة ومقلقة في ظل أوضاع وطنية عامة غاية في التعقيد, حتى ليشعر المرء منا أنه على فوهة بركان خامل تتسرب حرارته خفية عبر شقوق غير مرئية, لكنها قد تكون قاتلة..
ومن هذا المنطلق يمكن تصوير الأحداث السياسية في تعز بشكلٍ خاص, حيث أن قوى متوازية سياسياً ومختلفة فكرياً تحاول أن تكون هي المسيطرة على تعز والمتحكمة في قراراتها.. لكن ولأن كل طرف من هذه الأطراف يتم تغذيته بطريقة لا تختلف كثيراً عن الآخر, تبقى الندية قائمة والخلل واضحاً والدعوة إلى السكينة خياراً مستبعداً رغم حجم السلمية التي يتمتع بها أبناء تعز.. لكن مع بقاء حالة الشد والجذب في أوجها تبقى أسئلة كثيرة في معزل عن إجابة شافية, فاعتصام أهل السياسة بمبادئ عتيقة وتمسك المفسدين بمطالب مستحيلة ووقوف المواطن على أرضية صراع هشة بين هذا وذاك, يبعث على الاستياء ويدفع بالضعفاء من الناس إلى إغلاق منافذ الأمل في حياتهم حتى لو تعلق الأمر بمصدر الرزق لديهم..
ومن المؤسف أن يعلق بعض كبار مسؤولي الدولة على الأوضاع بمنتهى اللامبالاة مدعياً أن الأمن مستتب وأن الحياة على خير ما يرام, حتى يشعر المرء منا أمام مثل هذه التصريحات أن هناك من ينظر للفوضى والعنف بطريقته الخاصة.. ثم إن مثل هذه التصريحات اللامسؤولة تفضح وجود خيوط مشتركة بين من يحاول تفجير الأوضاع في مختلف ربوع الوطن ومن يستمسك بعروبة التمويه والتغييب لإخفاء معالم جريمته الكبرى على مسرح الخيانة وربما كان ما خفي أعظم والحال شاهد!.
الملاسنة هي السلوك الأبرز بين أجهزة أمن الدولة وبعض وزاراتها المسؤولية على تحقيق الأمن والاستقرار في الوطن, بالإضافة إلى بعض دعاة التبعية الذين يتعصبون لأحد الفريقين دون وضع الاعتبارات الوطنية في الحسبان.. نتحدث عن خلفية تعج بالأحداث وثقافة عنف تكاد تكون سائدة على ثقافة التسامح التي عرف بها أبناء الوطن عامة وأبناء تعز خاصة..
وإذاً فالحديث عن المدنية في مضمار سياسي متوقد قد لا يكون أمراً منطقياً اليوم, خاصة وأن مجمل قضايا العنف لا تزال مجهولة الحكم حتى الآن, وربما بقيت لصالح المجهول فترة طويلة من الزمن.. التراشق بالحجارة في حلبة من الزجاج ليس في صالح أحد, خاصة إذا كان كل المتفرجين بلا دروع واقية.
ألطاف الأهدل
تراشق بالحجارة 1406