إذا الشعب يومًا أراد الخراب فعنده وصفة مضمونة ومجربة
هذه الوصفة باختصار هي: "تفكيك شبكة العلاقات الاجتماعية"
فإذا كان أول عمل لتأسيس دولة وبناء حضارة هو "بناء شبكة العلاقات الاجتماعية"؛ أي بناء وتنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع ومكوناته القبلية والعرقية والدينية؛ بحيث تحفظ حقوق كل طائفة وتحدد واجباتها تحت مظلة نظام مركزي للحكم والإدارة .
وبقدر ما يكون من توازن يحقق الرضا لمكونات المجتمع، بقدر ما يتحقق الاستقرار والانتماء وتوحد الجهود في خدمة الوطن.
وأول عمل ممكن أن يهدم دولة ويقوض حضارة، هو: "تفكيك شبكة العلاقات الاجتماعية"، فيتحول الوطن المستقر المتوازن إلى مجتمع متناحر، وبدلاً من تكامل الجهود لخدمة الوطن، تتصادم الجهود وتتشتت الطاقات، وتتوقف حركة التقدم، وقد تتفكك الدولة بغير رجعة .
لا أتصور أن هذا الكلام يحتاج إلى إثبات نظري؛ حيث نظرة واحدة على الحالة العراقية أو السورية تكفينا عن البحث.
وإذا كان المدخل لتفكيك العراق وسوريا كان مدخلاً لتفكيك شبكة العلاقات الاجتماعية بين مجتمع متعدد الأعراق والمذاهب والأديان، فإن الحالة المصرية التي يراد إدخالها في هذا الشرك، حالة فريدة من نوعها .
فالمجتمع المصري مجتمع مثالي في تجانس مكوناته، فهو ليس مجتمعًا قبليًّا، وليس متعدد المذاهب والأعراق، ولا يعتبر أبدًا متعدد الديانات؛ حيث نسبة المسلمين 95% في مقابل 5% من المسيحيين .
ورغم هذا هناك خوف حقيقي من تفكك المجتمع بما ينذر بانهيار الدولة، أو على حد تعبير الكاتب "فهمي هويدي" (مصر على أبواب العرقنة).
ولكن ما المدخل لهذا العمل الشيطاني؟
المدخل عجيب؛ لأن مصر بلد العجائب .
المدخل: سياسي !!!
كيف؟
شيطنة فصيل سياسي يمثل حزبه "حزب الأغلبية "
أضف إلى العجايب أن أحزاب الأقلية الليبرالية، التقت إرادتها مع إرادة الدبابة لإزاحة خصم سياسي يمثل حزب الأغلبية .
إذاً نحن أمام حالة فريدة لتخريب مجتمع وتفكيك بنيته الاجتماعية، تقوم بها أحزاب أقلية فاشلة، فشلت في إزاحة خصمها السياسي عبر صناديق الاقتراع فقررت حرق البلد بمن فيها والوصول بالدبابة وعلى أشلاء المواطنين إلى سدة الحكم .
تخيل درجة السفه والطيش التي وصل إليها هذا التيار الليبرالي العدواني في أعرق معاقله، حيث نشرت "جريدة الوفد" بعد الحادث الإرهابي الذي تعرضت له مديرية أمن الدقهلية وأعلنت "منظمة بيت المقدس" مسئوليتها عنه: "إمهال الاخوان 24 ساعة لمغادرة المنصورة"!!.
بماذا تسمي هذا النزق والسفه والطيش؟
هل تسميه تطهير عرقي؟ طائفي؟ مذهبي؟ .. لا .. لا ...
إنه أعجوبة من أعاجيب مصر.. إنه "تطهير سياسي".
نعم "تطهير سياسي" تقوم به طائفة من الفاشلين، يقودون المجتمع نحو الدمار والخراب .
فحالة التحريض وإلقاء التهم بغير دليل، والحض على القتل والكراهية، وإعطاء الغطاء السياسي للاعتداء على أرواح وممتلكات المواطنين هي من اعمال "التطهير السياسي" ولم نجد لها اسمًا سوى هذا الاسم؛ لأن هذه الحالة من السفه والجنون لم نره في العالم، فمثيله هو التطهير العرقي والمذهبي والديني.
ثم يأتي أبرز ملامح عناوين مرحلة " تفكيك شبكة العلاقات الاجتماعية "بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية .
فأنت هنا لا تقطع جزءًا من نسيج الوطن (عرق- قبيلة- مذهب ) ولكنك تفكك خيوط النسيج
م. محمود صقر
إذا الشعب يومًا أراد الخراب 1340