للأسف الشديد إن هناك من يريد الهروب من تبعات الدعوة وثقل قولها وأراد أن يخلد إلى الأرض, فكلما فعل ذلك ذهب إلى صلح الحديبية ليبحث له عن مصوغ شرعي ومبرر أمام الناس ولكنه لن ينفعه هذا المبرر أمام رب الناس.. وأقول إن صلح الحديبية ما كان تنازﻻً للأسباب التالية:
أولاً: لا يجوز شرعاً وأدباً أن نقول إن الرسول تنازل في الحديبية.. والله قد قال له ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً﴾..
تخيلوا هذا التهديد والوعيد كان في مكة, أي قبل الحديبية, فكيف أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيتجاوزه وهو من جاء به حاش لله!!
ثانيا: هو عدل من صيغة إلى صيغة.
من (بسم الله الرحمن الرحيم ) إلى (بسمك اللهم) ولم يقل باسم اللات أو العزى ليرضيهم والصيغتان صحيحتان.. وأما حذف اسم رسول الله, فهو في إطار التفاوض بين كفار لا يعترفون برسول الله وليس بين مسلمين أصلاً ومع ذلك قالها "والله إني لأعلم أني عبد الله ورسوله"..
وبهذا لم يكن هناك تنازلاً عن تشريع البتة لأن التشريع لم يكن موجوداً أو لم يكتمل بعد.. ومن خلال النظر في الصيغتين اللتين يستدل بهما على ما يزعم أنه تنازل يتضح جلياً ما قلناه..
ولقد كان صلح الحديبية تكتيكاً نبوياً للاعتراف بالمسلمين كقوة جديدة برزت في الجزيرة العربية وكذلك التفرغ لليهود كقوة معادية تقف في وجه الإسلام, وكذلك استعداداً لاسترجاع واستقبال مهاجري الحبشة واستقبال القبائل الداخلة في الإسلام, وبهذا تتكون قوة جديدة للإسلام يستعد بها للتخلص من الوثنية..
وأخيراً أرجو أن يُقبل اعتراضنا على ما حدث في مؤتمر الحوار من تفريط وهو ما نعتقده وإذا كان ولابد فليتعلموا من الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديبية والذي لم يوبخ من اعترض على الصلح أو ينهره أو يجهله والله نسأل أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه.
محمد بن ناصر الحزمي
الحديبية لم تكن تنازلاً عن شرع الله 1294