في ثورة الربيع العربي تعاملت الثورة مع دولها العميقة معاملة اللطف والصبر، وطالبت الثورات بقطع الشجرة الخبيثة وليس بنزعها، ولا شك أن صاحب كل مزرعة يريد أن يهيئ مزرعته وينقي تربتها للزرع المفيد أن يقوم باجتثاث الشجرة الخبيثة التي تغطي مزرعته وينزع جذوها التي تتمدد ضاربة في باطن الأرض، فإذا قام بقطع غصونها الظاهرة ولم ينزع جذورها توسع نبتها وظهر من كل عرق مخفي شجرة خبيثة، فتفسد الأرض بظهور شجرات بدل شجرة واحدة، ولذلك كان نزع الشجرة وليس قطعها هو المطلوب لتؤتي الأرض زرعها فالمطلوب من الثورات هو نزع الحكم العميق بكل شجرته فتقطع غصونها الظاهرة وتخرج من الوطن، وتنزع جذورها الخفية، وإلا عادت شجرتهم أشجارا تحيط بالثورات من كل جانب، ولهذا تحاول الدولة العميقة الظهور من جديد بشجر تنبت من جذورها التي لم تجتثها الثورة، ونحن في اليمن أرغمنا على قطع الشجرة والإبقاء على حطبها داخل المزرعة مع عدم نزع الجذور الخفية للحكم العميق، بسبب المبادرة الخليجية التي فرضت علينا، ومن هنا نعاني من آثار حطب الشجرة الخبيثة داخل المزرعة ظاهراً، ومن بقاء جذورها في باطن الأرض فكثرت المعوقات أمام أن يشق شعبنا طريقة، وقام الحكم العميق بوضع العراقيل الكثيرة في وجه تحقيق هدف الثورة، ويجب أن يكون لنا فيما يحدث في مصر عبرة فنقوم بحرق حطب الشجرة العميقة الذي قطع وظل حطبا مؤذيا داخل البلاد، ولا بد من نزع الجذور الخفية نزعا كاملاً حتى تعطي ثورتنا ثمرتها وتسلم من مخططات وجرائم الحكم العميق، ومن هنا يتبين لك عظم التعبير القرآني يوم قال ( وتنزع الملك ممن تشاء) وذلك لشدة جذور الحكم العميق وتمسكه بالحكم وعدم تركه بسهولة، فكان النزع للحكم نزعا بحطبه وجذوره هو المطلوب فمتى تقوم الدولة بنزعه من الدولة العميقة والنظام المخلوع وإزالته من على الساحة، وإزالة جذوره الخفية داخل مؤسسات الدولة، وإلا فإن وضع مصر قادم والممونون له جاهزون وهم الممونون للدولة العميقة في مصر أصحاب المبادرة نفسها الذين عوقوا ثورة اليمن بمبادرة أحرمت الثورة ثمار ثورتها وأدخلتنا في ميادين شتى من المشاكل والاختلالات والاختلافات.
د. عبد الله بجاش الحميري
نزع الدولة العميقة ضرورة ثورية 1436