على غير العادة- وللعام الثاني على التوالي- وجدنا آلاف اللوحات القماشية الخضراء والبيضاء منتشرة بشوارع المدن الرئيسية وعلى بعضها طبعة آيات قرآنية تذكر بمولد الرسول الأعظم محمد صلى الله علية وآلة وسلم وبهدية, وتقام احتفالات شبه يومية بهذه المناسبة بالمقابل تقام محاضرات لجماعة أخرى ببعض الجوامع عن أخلاق النبي وصفاته وآدابه وسيرته وهذا شيء إيجابي أن يحتفل اليمنيون كلاً بطريقته الخاصة بهذه المناسبة العظيمة, لكن المؤسف في ذلك أن تأخذ هذه الاحتفالات طابعاً سياسياً محضاً تهدف من خلال الحشود الكبيرة والمكلفة مالياً إلى إيصال رسالة لهذا الطرف أو ذاك بقوة تنظيمها وحركتها السياسية وتناميها, ولا تنسى هذه الجماعة أن تضع بصمات شعاراتها السياسية على إعلانات المناسبات أو أثناء الاحتفال بها, وتستغل الجماعات الإسلامية المسيسة في اليمن بمختلف توجهاتها المذهبية هذه المناسبة للتعبئة والحشد ويستغل وفاء اليمنيين لنبي الرحمة في حضورهم مناسبات المولد وعفويتهم لتحويلهم إلى أرقام عددية سياسية يتباهى بهم ضد الخصم الإيديولوجي والسياسي وبالتالي تظهر النزاعات السياسية وتنتشر الخصومات بين أبناء الشعب اليمني الواحد , وتفرغ تلك المناسبة الدينية العظيمة من محتواها الدعوي والروحي.
وأنا أتذكر إلى وقت قريب كم كان جمال الاحتفاء الروحاني بالجوامع بهذه المناسبة ومازالت في بعض المدن والتي تخلوا من الطابع السياسي الموجه والإيديولوجي ويستمع الحاضرون إلى نُبذ من سيرة النبي الأعظم وهدية وتتخللها الأذكار الدينية والأناشيد المعبرة وترش العطور الجميلة والزكية على جموع المحتفيين.
أما اليوم فقد تحول الاحتفاء بالمناسبة إلى تجاذبات وصراعات سياسية نحن في غنى عنها والواقع المعاش مشبع بما فيه الكفاية بهذه الأجواء المشحونة والمتوترة .
والمطلوب تحرير هذه المناسبات من إقحامها في المعترك السياسي وعدم الانحراف بها خدمة لأغراض سياسية أو فوءوية, فالرسول الأعظم بعث برسالة الحق سبحانه وتعالى ولتوحيد البشرية وتعزيز روابطها الأخوية, ويمكن أن تستثمر هذه المناسبة العظيمة في توحيد الصفوف ولم الشمل وجمع الكلمة في وجه التحديات, وأن تأخذ طابعها الدعوي والروحاني بعيداً عن تسييسها خدمة لهدفها السامي ورسالتها الإيمانية.
عبد الواحد المشرقي
لا لتسييس المولد النبوي 1049