الاحتفاء بمولد معلم الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم, ليس ضرورياً أن يكون بحشد الحشود واستعراض القوى وإلقاء الكلمات المنمقة وإقامة الموالد, إنما يكون بإتباع سنته والعمل بتعاليمه وإحياء القيم النبيلة والسامية التي جاء بها عليه الصلاة والسلام .ما قيمة إقامة الاحتفالات والهتافات وترديد الشعارات في الوقت الذي نحن بعيدين كل البعد عن جوهر الرسالة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وما قيمة الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام في الوقت التي يتم فيه سفك الدماء وقتل النفس التي حرم الله تحت مبررات وحجج واهية لا تستند إلى أي دليل وما قيمة الاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام في الوقت الذي يتم فيه قصف دار الحديث في دماج الذي له منذ أكثر من ثلاثين عاماً يخرج آلاف الطلاب الذين يأتون إليه من كل مناطق اليمن لدارسة سنته عليه الصلاة والسلام.
إن محمد صلى الله عليه وسلم جاء رحمة للعالمين لم يأت من أجل سيادة أسرة وتمكينها بحيث يكونون هم السادة ومن سواهم عبيد, لا يكمن ادعاء حب الرسول عليه الصلاة والسلام والانتساب إليه والإصرار على معتقدات وأعمال تتناقض تناقضا كبيراً مع جوهر الدين جاء به ...اعتقد أن أعظم شيء يمكن تقديمه لإثبات حبنا للرسول صلى الله عليه وسلم هو العمل الجاد والمخلص على وقف سفك الدماء وإرساء الأمن والاستقرار والسير بالوطن نحو بناء الدولة الحديثة القائمة على العدل والمساواة والتعايش والقبول بالآخر يسود فيه النظام والقانون ليس فيها سادة وعبيد ولا مواطنين درجة أولى ومواطنين درجة ثانية.
ماذا بعد الحوار؟
لاشك أن انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل واستمراره رغم كل المحاولات التي سعت لإفشاله ووصوله إلى الجلسة الختامية التي سوف يتم فيها إقرار مخرجاته يعد انتصاراً كبيراً تجسدت فيه الحكمة اليمانية .لكن لا يعنى ذلك نهاية المطاف فالتحدي لايزال قائماً، لأن المهم ليس نجاح المؤتمر ووصوله إلى نهايته إنما المهم هو تطبيق مخرجاته وتحويلها إلى واقع يعيشه الناس وهذا يتطلب منا جميعا أن ننسى كل انتماءاتنا الحزبية والمناطقية والمذهبية ونقف صفاً واحداً حول هذه المخرجات حتى لا تتمكن مراكز القوى وأصحاب المصالح والنفوذ من إفشالها.. لقد تم في المؤتمر التوافق على شكل الدولة و الآلية التي سوف تدار بها في المرحلة القادمة كما تم التوافق على كثير من النقاط التي تضمن عدم عودة الاستبداد والهيمنة سواء كانت الهيمنة العائلية أو الهيمنة الحزبية والانتقال إلى دولة المؤسسات وهذه النقاط سوف تصاغ في دستور سيعرض على الشعب حتى يقول فيه كلمته وهذه هي الخطوة الثانية التي سوف تلي مؤتمر الحوار, بعدها سوف يتم الانتقال إلى مرحلة جديدة مرحلة بناء الدولة الجديدة وهذا يعني طي صفحة الماضي بكل أحزانها ومآسيها و فتح صفحة جديدة وفق قوانين وأنظمة جديدة تقطع الصلة بالماضي وتبنى المستقبل وهذا يتطلب قلوباً محبة ونفسيات متسامحة تؤمن بأن المستقبل هو الحياة القادمة والماضي أيام قد ذهبت ولن تعود.
تيسير السامعى
كيف يكون حبنا للرسول؟ 1231