كان شريكاً سياسياً فاعلاً في إطار النظام السياسي الديكتاتوري قبل الوحدة.
يقوم أساس هذه الشراكة على طبيعة البنية الاجتماعية للمجتمع اليمني وخصائصه التي تميزه عن غيره من المجتمعات بالإضافة إلى عوامل تاريخية وجغرافية هامة لها علاقة لصيقة بالواقع اليمني.
وبعد الوحدة لم تتغير مكانته السياسية في إطار نظام سياسي تميزه الديمقراطية الشكلية ويستند على قرار الفرد وسيطرة الأسرة على السلطة والثروة في بلدة طيبة إذ سرعان ما تغير الحال بعد الوحدة إلى أن يصبح من ضمن حزبين هما الشريكان الأساسيان في حكم البلاد.
وعندما اشتعلت الثورة اليمنية في فبراير 2011م استغل هذا الحزب المناخ الدولي والإقليمي وتطور النظام السياسي في اليمن الذي تحول إلى نظام ديكتاتوري أصبح يعاني منه الشريك ليتحول إلى شريك أساسي وفاعل في الثورة.
مع بعض التعديلات الطفيفة التي كان الهدف منها تحقيق مصالح الحزب وأهداف فكره الذي لا يقبل بالآخر.
من أهم هذه التعديلات استخدامه للمرأة ليس لأنه يقوم على فكر يحترم حقوق المرأة ويؤمن بالمشاركة بين الرجل والمرأة في بناء المجتمع, ولكن لأن عنصر المرأة واستخدامه في رسم السياسة الحزبية يمثل عنصراً هاماً وفاعلاً بعد ثورة فبراير..
خاصة أن اشتعال ثورة فبراير كان يستند على عمل المرأة في جزء كبير منه وواضح جلي لا يمكن إغفاله أو إخفائه أو تجاهله جعل منها شريكاً فاعلاً وسرعان ما تعددت نسخ الناشطات اليمنيات في إطار استغلال خاصية التقليد الأعمى التي تعد من أهم خصائص مجتمعنا اليمني
ولأن الاتفاقية الخليجية لم تقتصر في تطبيقها على الجانب السياسي بل امتدت في أثارها إلى كافة مفاصل الدولة ومرافقها العامة, نجد أن عنصر المرأة واهتمام الحزب بتفعيله بدى واضحاً على مستوى السياسة التي يرسمها الحزب حتى في إطار إدارة المرافق العامة
ومع ذلك هناك ملاحظة هامة لا بد من تسجيلها هنا وهي أن استخدام عنصر المرأة في إطار هذه السياسة كان بالشكل الذي يحقق أهداف هذه السياسة ومصالح الحزب التي قد تكون مختلفة عن مصلحة الوطن وبالتالي صار هذا العامل الجديد في تطور سياسة هذا الحزب استثناء لقاعدة التمكين السياسي التي هي جوهر فكر هذا الحزب وأساس السياسة الحزبية له.
كما أن الاستثناء الأخر الذي مثل مظهر أخر من مظاهر تطور هذه السياسة هي إمكانية استيعاب الأخر ممن لا ينتمون للحزب ولا يؤمنون بفكره.
إلا أن هذا الاستيعاب مقيد بقيود معينة أبرزها أن يكون هذا الأخر خادماً مطيعاً لسياسة الحزب وقابلاً للتأقلم مع فكره وبيئة العمل التي يسيطر عليها فكره.
إن هذه الشروط التي مثلت قيوداً على مشاركة الأخر ممن لا يؤمنون بفكر هذا الحزب في إطار قاعدة التمكين التي تقوم على إتاحة الفرصة لمن يؤمن بفكر هذا الحزب فقط دون غيره من أبناء الوطن للعمل في إطار سياسة الدولة سواء في مستواها السياسي الأعلى أو في مستواها الإداري الأدنى في إطار مرافقها العامة..
صارت بمثابة الحاجز المنيع الذي يمنع هذا الحزب ويقلل من قدرته في بناء دولة مدنية حديثة على أساس المواطنة المتساوية واحترام حريات وحقوق الإنسان بصفته الإنسانية لا الفكرية
ولتحديد فكرة التمكين بشكل أكبر نقول معناها عدم السماح للآخر بالاشتراك في بناء الدولة ومشاركة أبناء الحزب في السلطة والثروة لعلة بسيطة هي أن هذا الأخر لا يؤمن بفكر الحزب.
والحاجز الذي يزيح الأخر عن مشاركة أبناء الحزب في بناء الوطن يكمن في الاختلاف الفكري بين الطرفين واستناد ايدلوجية الحزب على أساس فكري خاص بأبناء الحزب والمنتمين له دون أبناء الوطن عامة فهذا الفكر الأخير يقوم على أسس وقواسم مشتركة خاصة بأبناء الحزب دون غيرهم من أبناء الوطن بما في ذلك من ضيق وحرج يشكلان مانعاً صلباً وحاجزاً متيناً بين الحزب وما يصبوا إليه من بناء الدولة المدنية الحديثة والذي لا يكون إلا من خلال المشاركة المتساوية وفق معايير عادلة وفي إطار مبادئ دستوريه عليا.
د. ضياء العبسي
سياسة حزب(التمكين)..لا تبني الأوطان 1628