قضية الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه الوحدة العربية أهي القومية أم الوطنية أم الإسلامية، هي الاختلاف الجوهري للقضية تنشدها الأمة وعرقل تبلور فكرتها هذا الخلاف ربما.
لا شك أن القومية العربية مثلت منذ ظهورها مشروعاً عربياً وحدوياً ونضالياً يهدف إلى وحدة الأمة العربية ” وإلى وحدة الشعوب العربية لتصبح شعب واحداً وإن هذه الوحدة التي تربط بين الدول العربية والإسلامية تحتاج إلى رابط قوي يجمعها.
وباعتقادي أن رابط القومية والوطنية لا يكفي لجمعِ شمل كل تلك الدول المترامية الأطراف جغرافياً وفكرياً، فالأمر يحتاج إلى رابط يحمل فكرة واحدة غير متنازع عليها.
وقد برز مشروع الوحدة العربية بعد سقوط الدولة العثمانية وظهور المشروع الصهيوني واحتلال فلسطين عام 1948م مما جعل المشروع العربي القومي أمراً ملحاً للحفاظ على الهوية التاريخية للأمة العربية والتصدي للمشروع الصهيوني الاستعماري الجديد الذى يهدد الهوية العربية في عقر دارها ويغتصب جزء من أرضها وهى أرض فلسطين وامتد إلى أراضي عربية أخرى طامحاً في بناء دولته المزعومة من النيل إلى الفرات.
و نتيجة لضعف بعض الحكام ورضوخهم للمشروع الغربي والارتماء في أحضان الدول الغربية.. باتت الأمة العربية مهددة أكثر مما كانت عليه ماضياً بل أن الأمر وصل إلى تهديد الدولة (القطرية) وليس الدولة القومية فحسب وذلك بفعل التدخلات الأجنبية في سيادة الدول العربية بدواعي الديمقراطية والإصلاح وحماية الأقليات ..
ويفترض جدلاً أن الوحدة قامت على أساس القومية، فحينها ستتوحد الدول جغرافياً ولكنها من المستحيل أن تتوحد فكرياً، فكل قطر من الأقطار سيحمل فكراً مختلفاً عن الآخر مما يجعل الترابط بينها صورياً خاوياً من المضمون، فالوحدة يجب أن تكون مترابطة خارجياً من خلال الوصل الجغرافي والحدودي، وداخلياً من خلال الفكرة الموحدة لدى الجميع.
وأذكر هنا بأن الدولة الإسلامية سابقاً قدمت لنا نموذجاً واضحاً في التعامل مع أصحاب الديانات الأخرى ولا أذكر أن التاريخ قد نقل لنا حالة واحدة فيها ظلم أو اضطهاد لأصحاب تلك الديانات في الدولة الإسلامية، بل قدمت لهم كثير من الحقوق ومنحتهم حرية العبادة والديانة.
