المتابع للمواقف القطرية وسياستها تجاه العالم يلحظ دوراً فاعلاً وبارزاً في أغلب القضايا حول العالم, لكن القراءة الكاملة والشاملة والعميقة للاستراتيجية السياسية تتطلب العودة قليلاً للماضي وتحديداً منذ صمود الأمير حمد بن خليفة آل ثاني عام1995م والذي تبنى مشروعاً حضارياً تنموياً استطاع من خلاله تحقيق قفزة نوعية لقطر وتحولت من إمارة هشة إلى قوة وحضور دولي فعال في أغلب دول العالم وتحديداً العالم العربي.. ومن هنا يمكننا إجمال الوسائل التي استخدمتها القيادة القطرية في تحقيق النهضة المرجوة "الطاقة ـ السياسة ـ الرياضة ـ الإعلام" القوى الأربع الناعمة كانت بمثابة ركائز للاستراتيجية القطرية وتم توظيفها لتهب في حقل الفاعلية المرجوة والحضور المنشود, وبالفعل فعلى مدار عام تحولت قطر إلى رائدة في المجالات السابقة, فالاكتشافات الضخمة في مجالي النفط والغاز واستثمار عوائدهما في البنية التحتية شكلا المصدر الرئيسي للتقدم على الصعيد الاقتصادي وغدت قطر اليوم دولة مستثمرة في الطاقة في بعض الدول ويجدر الإشارة عن الاستغلال الأمثل لعوائد النفط وتوزيع جزء من الثروة على المواطنين كانا عوناً على الاستقرار السياسي اللازم لأي تنمية واستثمار ومن جانب آخر استخدام المال القطري تسوية الأزمات وحل الخلافات والمنازعات في كل من دارفور ولبنان واليمن وجيبوتي, وذلك ضمن الاستراتيجية المتضمنة لحشد كل الإمكانيات لتعزيز دور قطر وتحسين صورتها في العالم، أما على الجانب السياسي فقد سعت قطر إلى إنشاء شبكة تحالفات عربية وإقليمية ودولية وذلك للسعي إلى تحقيق موضع قدم على خارطة الزعامة العربية وتعويض النقص الذي يكتنف الدولة إن كان على صعيد القوة العسكرية أو الكثافة السكانية أو حتى الجغرافيا السياسية، إضافة إلى الرغبة القطرية في منافسة السعودية وقد تجلى ذلك بعد حرب الخليج وتطبيع قطر لعلاقتها مع العراق والعلاقة الجيدة مع سوريا قبل الثورة والتقارب القطري ـ الإيراني وعام2011م كان مفصلياً وقياسياً بالنسبة لقطر التي حسمت أمرها في الانحياز لإرادة الشعوب ودعم الثورات مالياً وإعلامياً وأحياناً عسكرياً ـ ليبيا مثالاً ـ وبالنسبة لشبكة الجزيرة والتي هي جزء من السياسة القطرية ـ وإن كانت تخالفها أحياناً ـ فقد لعبت دوراً كبيراً في كسر الاحتكار السعودي للإعلام.

 أضف إلى ما سبق عقد اللقاءات والندوات والدراسات وتمويلها وتغطيتها حتى يصبح اسم قطر حاضراً في كل مناسبة وحضرواً دولياً وقد استطاعت مثلاً قطع شوطاً كبيراً في هذا المجال.. وقبل النهاية يمكننا إجمال المشهد السياسي القطري الخارجي بالقول أن قطر قدمت نفسها كدولة حداثية جديدة ومثالاً يمكن محاكاته في دول الخليج الأخرى حتى على الصعيد الرياضي فقطر حاضرة وبقوة في اشترائها للكثير من الأندية الأوروبية وإطلاقها قنوات رياضية خاصة والبراعة في النشاط السياسي والمنافسة في المجال الرياضي الجماهيري ويوجد مجالات أخرى استطاعت قطر تقديم صورة جديدة لها على الصعيد الديني الوسطي المعتدل وتجدر الإشارة إلى الظهور للداعية القرضاوي على شاشة الجزيرة يعد بمثابة شرعنة ودعم للمواقف القطرية، اختتم حديثي بالقول أن الإدارة القطرية حققت تقدماً كبيراً وبروزاً لا يمكن غض الطرف عنه ودوراً فعالاً وصحيحاً وأخلاقياً نابعاً من رؤية شاملة وتصور سليم وفكر باحث عن الحقيقة, وجسدت بذلك مبادئ الديمقراطية إن كانت قطر ذاتها تفتقر لها وستظل الشعوب تحمل الوفاء لمن دعمها في مسيرتها التحررية من الاستبداد..!.