في بعض الأحيان نصاب بحالات من الغثيان غير الإرادي ، يبدأ بالتفاعل دون سابق إنذار فقط لأنك تقرأ لكاتب أثار فيك هذا الغثيان الذي كان مستقراً في قاع البحار، يصل الأمر مداه عندما تجد نفسك أمام حالات نشاز تعيش التناقضات في أوسع صورها، حينها لا تستغرب إذا انتكست لدى هؤلاء المفاهيم، واختلت موازينهم بسبب الأمزجة والأهواء التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً إلا ما أشرب من هواها .
دعوني لا أعلق كثيراً على ما أنتوي الحديث حوله، فالعنوان واضح، ومدرك لدى البعض،، نعم إنه أحمد المسلماني المستشار لإعلامي للكوز المركوز في مصر -عدلي منصور ، خرج علينا بمقال عنونه بــ " «طفلة تلهو بجائزة نوبل» يتحامل فيه بغلظة وحقد مكشوف على النوبلية اليمنية توكل كرمان.
العجيب أن السلماني لوحده من غرد خارج السرب بمقاله آنف الذكر في الوقت الذي أشادت فيه كثير من الشخصيات بقرار منح الجائزة لليمنية العربية توكل كرمان، والعجيب أن الرجل يخرج علينا بمقاله سالف الذكر بعد سنة ونصف من منحها الجائزة، وتحديداً وقتما أرادت النوبلية توكل زيارة مصر لمناصرة الإنسان المصري المظلوم جراء الانقلاب.
الغريب في الأمر أنه وفي أثناء الفترة التي كتب فيها مقاله تم اختيار فيفي عبده أما مثالية بمناسبة اليوم العالمي للأم ، طبعاً اختارها مجلس دفاع السيسي، وسكت المسلماني على الرغم من الانتقادات الواسعة حتى من المقربين للإنقلاب، بل لقد أصبح ترشيح فيفي عبده في مصر نكتة يتندر بها المصريون ، متسائلين متى كانت فيفي عبده أما وحيلتها من الدنيا العيش في الكباري والمراقص ، فأين المسلماني من هذا الاختيار الذي أساء لمصر الكنانة التي كانت حاضرة الدنيا، اليوم لم تجد أماً مثالية غير فيفي عبده ، يا لهذه المساقط التي أصبحت مصر توصف بها بعد تسيد الخونة عليها .
ثم سؤال أتوجه به للمسلماني أين المكان الذي تتوجع منه من منح الجائزة لتوكل؟، أليس من العيب أن تقول أن الجائزة تم منحها لتوكل بعد دفع الإخوان لذلك، هل الإخوان لديهم يدا طولى في إدارة منح الجائزة ، وإلا مديرها من الإخوان واحنا مش عارفين، يارجل خفف الوطأ وتكلم كلاما يعقل بحيث يمكن أن ينطلي على ضعاف النفوس، وإذا لم تر أن من العيب أن تنحرف بالحديث عن توكل حيث هذه الزاوية فكن شجاعاً وتكلم بمواضع الرجال الرفيعة ، أما مثل هذه الهرطقات فعيب أن يتحدث بها عربي يعمل في حراسة عمارة ، فظلا عن متحدث إعلامي لرئيس عينه جنرال انقلابي ، لكنها خطايا الإنقلاب الفظيعة التي جعلت من المؤيدين له أوصياء على الناس بقوة السلاح الذي ما زالوا حتى اليوم يستخدمونه لقتل الشعب .
إن حديثي عن المسلماني يدعوا للشفقة، فمن ناحية مستشار إعلامي ، ومن ناحية يتحدث بالأراجيف التي لفظها المصريون ، فلماذا هو إذا مستشار إعلامياً ؟ولا أحد يستمع له أو يصدقه ، إنه زمن التناقضات فلا تستغربوا من ذلك .
لغيتم الانتخابات، وقتلتم الشباب، وفتحتم السجون على مصراعيها، ونصبتم أشرعة العذاب ، وغدرتم بالساجدين، وبدم بارد فجرتم بالمرحلين على سيارات السجون، وباستماتة دون وازع من دين أو عرف قمتم غصباً ينزع حجاب الطاهرات، وبنات مصر النبيلات، وفوق ذلك لم تتورعوا من خنق الغاضبين بالغازات التي صببتموها صبا على أنوف ووجوه الأحرار، ثم بكل بجاحة تأتون لتتحدثوا عن طفلة ينظر لها اليمنيون بإكبار وإعزاز بأن الجائزة التي نالتها ما هي إلا دمية تلعب بها، لقد هزلت والله، والغريب أن مثل هذا الكلام يصدر من شخص يفترض أن يكون مسئولا لكن لا عجب، فهي شخصية اعتبارية، ولكن في الانقلاب وليس في الخيار الديمقراطي ،
إن على المسلماني أن يعرف أنه آخر من يجب أن يتحدث عن ذلك، أما لماذا فللأسباب السابقة وأيضاً لأنه يمثل أحد أقطاب الانقلاب الذي قام بضرب الرصاص على شباب مصر ، وأحد الداعمين لمشروع غلق ملفات الشهداء وتسجيلها على مجهول، بل إنه أحد الداعمين لمشروع أن تبقى مصر ملك خاص لفرد، على أن يكونوا عبيدا لهذا المالك يقتاتون من هذه العبودية الفتات.
إنهم الأوغاد ولم لا يكونون كذلك وقد قاموا بحراسة الخونة، وتحصين لصوص المال والدماء ، وبالتوازي مع ذلك لم يتورعوا من سجن الشرفاء الذين كانوا – بحرصهم على الوطن - يدا ضاربة في حراسة مصر، كمموا الأفواه، هددوا أصحاب المبادئ الصامدين ، قدموا الشياطين لوعظ الناس، وشرعنة الانقلاب، بل لقد وصل بهم الحال إلى خفض أصوات المآذن في بعض المرات ، وما سبق قليل أمام إرسالهم الطائرات لقصف المعتصمين في رابعة والنهضة، لقد أرادوا إسكات صوت الحق لكن أنى لهم، لقد حاولوا أيضاً عبر تكسير العظام، وقهر الكرام، وتظليم النهار ، وغلق القنوات الفضائية، وقتل الصحفيين، وتمديد الطوارئ، والتصدي بالسلاح للمظاهرات، وتجميل وجه الانقلاب في القنوات المصرية، وترك المجال أمام البلاطجة لمداهمة المساجد، واستباحتها والمصلين فيها أمام مرأى ومسمع من الشرطة والجيش، ناهيك عن سجن الرئيس وإلغاء البرلمان، ووضع دستور جديد للبلاد لم يمض سنة على الاستفتاء عليه ووافق عليه أغلبية الشعب، داسوه بأحذيتهم ، لقد حاولوا عبر كل ذلك أن يفتوا من عضد الشعب، لكن الشعب خيب آمالهم ، وأحبط رجائهم، وكان لهم بالمرصاد.
كوني يمني ، أعتز أن من الإسلاميين في بلدي من استطاع بنضاله أن يقنع جائزة نوبل أنه أهلاً لاستحقاقها، فهل يا انقلابين تستطيعون بما حويتموه بانقلابكم من أدوات أن تقنعوا الآخرين باستحقاق فيفي عبده للقلب الأم المثالية، أتحداكم، لأنكم أوهن من ذلك، لأن ذاك هو قدركم ، انقلابيون تقتاتون من فتات البيادة.
مروان المخلافي
توكل ليست فيفي عبده يامسلماني 1391