على العكس من الهدف المراد تحقيقه من قبل جماعة الحوثي في هذه الأيام والذي يستند إلى هدفهم الأكبر في بناء دولة خاصة بهم أو إسقاط الجمهورية أو حتى فرض أمر واقع ابتزاز الدولة وتحقيق مكاسب سياسية على خلاف هذا كله فالتحركات الحوثية والجبهات التي يصطنعها هنا وهناك دليل على إفلاسه سياسياً وعسكرياً.
فمنذ الثورة الشبابية قبل ثلاثة أعوام والحوثي يفتح جبهات عديدة في كل من الجوف وحجة وعمران وصنعاء وإب وبعيداً عن صعدة التي باتت محررة حد زعم الحوثي ومنهجيته الإقصائية لكن ما يهمنا هنا هل هذا التهور والاندفاع الحوثي للسيطرة وبسط النفوذ يصب في صالح استراتيجيته التي يرجو تحقيقها قطعاً؟.
لا يمكن الجزم بهذا لكن على ما يبدو أن الغطرسة الحوثية ونشوة الانتصارات المزعومة التي تسيطر عليه ونظن أنه يحققها في ظل قطاع عريض من الشعب لم يعد بمقدوره الدخول في صراعات عبثية لا رابح فيها أحد إلا خسران وتمزيق شعب بأكمله.
الحوثي يخسر كثيراً إن على المستوى الشعبي ـ نظراً لقيامه بأعمال يجمع الشعب على أنها جرائم لا يمكن غفرانها ابتداءً بالتهجير القسري لأبناء دماج مروراً بتفجير منازل المواطنين انتهاء بتفجير المدارس ودور القرآن في أكثر من منطقة إضافة إلى ترويع الآمنين وقطع الطرقات وابتزاز البسطاء وكل الممارسات النفسية التي أحرقت الحوثي ومليشياته على المستوى الشعبي.
وعلى المستوى السياسي.. الحوثي لم يقدم إلى الآن أي دليل على اعترافه بالجمهورية أو الثورة وكذا مؤتمر الحوار الوطني الذي شُكل الحوثي طرفاً فيه والموقع أيضاً على مخرجاته ويعمل ليل نهار من أجل نسفها.
التناقضات العجيبة في ممارسات الحوثي السياسية يمكن أن تصنف عزوفه عن الثقة السياسية التي تشكل مبدأ عام وشائك في أيدولوجية الجماعة.
أضف إلى ما سبق أن اعتراف الحوثي أن الجيش إلى الآن ما زال في حياد يعد شاهداً على أن أي تدخل للدولة مستقبلاً يعد أمراً مبرراً، نظراً لاستنفاذه لكل الطرق ضمن (الدبلوماسية القبلية) وبمعنى آخر الأسلوب السلمي لتسوية الصراعات عن طريق الوساطات التي لم تجدي نفعاً في ظل التقدم العسكري المتواصل من قبل مليشياته التي لن تتفق إلا في حال سقوط الجمهورية ـ وهذا مستبعد إذا تدخل الجيش حسم الأمور عسكرياً ونزع سلاح المليشيات التي تنهك الوطن والمواطن ـ وتكريساً على ما سبق الحوثي بتوسعه المسلح بعيداً عن مراكز التمويل العسكري سوف يضعف كثيراً وبالأخير سينهار ويستسلم للأمر الواقع.
اللافت أن القبائل إلى الآن لم تستنفر قواها لتتوحد ضد امتدادات الحوثي واكتفت كل قبيلة بالدفاع عن نفسها فقط وفي بعض الحالات استعدت الدولة بل وأعلنت موافقتها على تسليم أسلحتها الثقيلة للدولة وهذا موقف مدني متقدم يحسب لتلك القبائل التي كان ينظر إليها على أنها تشكل عائقاً أمام الدولة المدنية الحديثة والمنشودة.
وفي الأخير أحب التذكير على أن الصراع الحوثي ليس مع الإصلاح وقبائله كما يروج له بل يستهدف كل رجل حر إنسان يؤمن بكرامته وحقه في العيش بعيد عن الطبقية العنصرية ومشروع الحوثي ضد الإنسان إيٍ كان..!!.
محمد المياحي
الحوثي ينتحر سياسياً 1363