الربيع كلمة تفوح بالأمل الذي يصنع بهجة وسروراً لدى الجميع, لذلك نعشقه كثيراً وتطير نفوسنا عند قدومه, لا لشيء إلا لأنه يتزامن مع موسم الأمطار واخضرار الأشجار وموعد ترتدي الطبيعة بحلوله فستان عرس مزركش بأرقى ألوان الطبيعة.

 هكذا هي صورة الربيع في أرواحنا وعقلونا والكل ينتظر تلك الأوقات ليمتع نظره بجمال الحياة المضطربة هذه الأيام, إلا أن الحلم غالباً ما يتحول إلى كابوس مرعب يقلق الكثيرين ويفسد أجواء الفرحة المنتشية بمناظر الطبيعة المزهوة, هذه الظاهرة تكاد تكون معممة على كل مدن اليمن, وأبتدأ حديثي بمنطقة شرعب الرونة التي أوجدت لدى هذا الكابوس من الربيع كونها تعد المنطقة الأولى التي رحلت إليها من قريتي حيث للربيع نكهة أخرى أن على صعيد الجلسات التي يعقدها أبناء شرعب أثناء فصل الربيع وأن على جانب تضاريسها ومناطقها وسهولها وجبالها التي تكسب خصيصة تكاد تكون منعدمة في أغلب مناطق اليمن إلا أن الزائر إليها تتلوث مخيلته بمركز المديرية (سوق الأحد) هذا السوق يتحول إلى هم كبير لكل مواطن يقضي حاجته فيه, فما إن ينتهي المطر إلا وتبدأ مسلسلات الصفاء من الجميع أصحاب المحلات الذين يضيقون ذرعاً بالخنادق وأكوام القمامة المتكدسة على أبواب المحلات وكذلك المواطنين الذين لا يسلمون من المرور في الشارع دون أن يدفعون ضريبة السير إما من ثيابهم أو أجسادهم التي تنضح بالقاذورات المتكدسة في شارع السوق بفعل الأمطار.

 وكون السوق غير مسفلت ولا حتى مرصوص, شرعب الرونة وسوقها ليس الوحيد فلم أكن أتصور أن القمامة تشاطر أبناء شرعب همومهم من السير في الشوارع بعد سقوط المطر فلم أستطع الرجوع من جامعة صنعاء إلى سكني إلا وقد كابدت عناء طويلاً تصارعت فيه مع أكوام القمامة والقاذورات المنحدرة مع سيول المطر.. حقاً إنها كارثة أن تكون في عاصمة بلدك ومحط أنظار الجميع وتكون شوارعها بهكذا شكل وإذا كان لنستسمح أبناء شرعب عذراً في عناءهم إلا أننا لا يمكننا أن نقول للزائر الخارجي عفواً هذا شيء طبيعي في بلد اليمن السعيد.

آثار الأمطار في مدننا أصبحت هاجساً يشغل بال الكثيرين وهماً يؤرق الجميع ومنغصاً يفسد أجواء الفرحة بربيع انتظرناه طويلاً كي يعلل أرواحنا المجدبة بفعل صحراء السياسة ولهب الاقتصاد المتدهور إلا أن الأمر يبدو في اتساق واحد فلا وطن تعافى من جراحه ولا شوارع تسمح لنا بالاستمتاع بشيء من عطاء الربيع ونضارة الحياة وفيه فمن شرعب حتى العاصمة الأوضاع متقاربة فمتى ينجلي هذا الهم الذي شغلنا كثيراً.