عندما قرر ابن خلدون في مقدمته الخالدة بأن الناس مجبولون على افتقارهم لوجود قائد لهم ..! لم يتضمن تقريره هذا أنهم مجبولون على تقديسه ! فما بال الكثيرون يتهافتون على مبدأ تقديس الرموز ؟!! ويقدمون توجهات , ومصالح , ومشاريع رموزهم , و كبرائهم على المشروع القومي , و المصلحة العليا للوطن ؟!! من سمات الشخصية التي تقدس الرموز: التبعية العمياء , وتدني تقدير الذات , وعدم احترام مبدأ الاستقلالية , والسلبية , والتهرب من تحمل المسؤولية , والكسل ...! الذي يقدس الرموز شخص لا يريد أن يرهق ذهنه في التفكير في صوابية قرار القائد من عدمه , ولايريد أن يبذل بعض الوقت , والجهد في البحث عن حلول للمشاكل , وهو يريد دوما أن تتولى القيادة " والتي أضفى عليها " صبغة القداسة جميع مهام تحسين الأوضاع , وكذا تتحمل تبعات الأخطاء المحتملة ؛ فكل جهد بشري قابل للصواب وللخطأ !!
الإنسان عندما يحترم ذاته , ويقدر عقله , الذي ميزه الله به عن بقية الخلق " حتى عن الملائكة " وجعله مناطا للتكليف , كما هو سبب للتشريف , سوف يرفض هذه المبدأ المختل , وهذه الثقافة السلبية , المميتة لروح الإنسان الخلاقة , القاتلة لمعنى وجوده المستمد من وجود الخالق الحكيم , والذي جعل الإنسان مسؤولا , محترما ذو إرادة مستقلة , ومحورا لهذا الكون ..!
أما الإمّعات فهم أبعد ما يكون عن هذا التشريف ..!! وكل قيادة تدعي الرشد , والإخلاص في خدمة رعاياها ينبغي لها أن تتوقف عن اصطناع مثل هذا النوع من الأشخاص ..! بإمكانك كسب معركة , بل وعدة معارك , وكذا الفوز في منافسة , أو عدة منافسات بهذه النوعية من الأشخاص؛ لكنك لن تفوز في الأخير , أو لن تحوز النصر الذي تتمناه ..! وقد قيل من قديم " عدو عاقل خير من صديق جاهل " ! الولاء الأعمى يضر أكثر مما ينفع , والكثرة المسلوبة الإرادة ليست من عوامل الفوز , أو الصدارة ؛ بل النوعية المتسمة بالاستقلالية وتحرر العقل هي التي تؤهلك لذلك دوما..! وبعيدا عن مضمار تنافس القادة على اصطناع الأتباع , يبقى هاجس الإنسان الرفيع الغايات , الشريف النفس هو التميز , والتمكن من الإضافة على الحياة , ووضع بصمته عليها ..! من يريد أن يكون صفرا على الشمال , أو حتى صفرا بين صف أصفار على اليمين ؟!! الصفر يبقى صفراً سواءً أكان على اليمين , أم على اليسار ..! والأن فكر وابحث : كيف تتخلص من وصم " الصفرية " و تصبح رقماً صعبا ..؟!
نبيلة الوليدي
هل أنت رقم ..أم صفر..!! 1300