في زيارة أشتون لمصر مؤخراً، رأينا تغييراً نوعياً في طريقة تعامل الأوروبيون مع الوضع بمصر، من زاوية أخرى وهي: بدلاً من كان الموقف الأوروبي داعم بشكل (خفي)ولا يجرؤ على دعم السلطة الجديدة بمصر بتصرفات (واضحة علنية)،لكن الآن تغيرت اللهجة، والطريقة، وصارت تتردد عبارات جديدة مثل(الانتخابات القادمة)، و(الدستور المعتمد)، و(العملية السياسية) تمضي جيداً، وهكذا!..
***
يتحدثون عن عملية سياسية جديدة وانتخابات على (انقاض) عملية ديمقراطية تم إجهاضها والانقلاب عليها!.. هم (يتجاهلون) هذا الأمر، ويريدون (القفز)على هذه الحقائق، لكن انظروا إلى اشتون، بزيارتها الأخيرة حدث أمر غريب، لفت نظر المراقبين والرأي العام، وهو: أنها ذهبت تزور وتقابل من؟!..انظروا للحقيقة في هذا المشهد، تقابل الجنرال (السيسي) دون غيره من (المرشحين) أو من ممثلي القوى السياسية..!.. طبعاً هو أمر عادي، لو كانت هذه المقابلة قبل أن (يستقيل) الرجل!، لكن طبعاً، يفترض أن هذا الرجل قد خرج من المشهد، وقدم استقالته (كوزير للدفاع) وكشخص (مسؤول) في الوقت الحالي، ويفترض أنه كما يزعم مؤيدو الانقلاب أنه ليس هو من يحكم!. ولا المؤسسة العسكرية التي يمثلها هي التي تحكم!، وهذا الكلام السخيف معلوم للقاصي والداني كذبه، وزيفه المجافي للواقع تماماً..
***
نعود (لاشتون), التي جاءت إلى مصر وذهبت للقاء السيسي!، الرجل الذي يفترض أنه خارج منظومة الحكم الآن حتى إشعار أخر.. حسناً.. ما الدلالة في هذا!...أننا نلاحظ ونستدل من هذا على مؤشر قوي وقاطع أن أوروبا وأمريكا (معترفة) ضمنياً بالانقلاب العسكري وبسلطته الغير شرعية، لكن طبعاً، لا تستطيع حكومات أوروبا وأمريكا الاعتراف (بانقلاب عسكري) بشكل علني ورسمي (صريح)..بحكم قوانينهم ودساتيرهم الصارمة الواضحة في هذا الخصوص!. .لكن ما تقوم به حكومات أوروبا هو (التحايل) على قوانينهم، ومحاولة فرض (أمر واقع) في مصر يضمن مصالح أوروبا ولو على حساب الشعب المصري، فهذا أمر لا يهمهم، ومصلحة وحقوق شعب مصر هي آخر اهتماماتهم!.
***
لذا، فإن اشتون جاءت تؤازر (حلفاء) أوروبا، اتحدث عن العسكر طبعاً،
وهم(أي الأوروبيون) مضطرون لكشف الأوراق، وفعل(شيء) ما، وذلك محاولة لدعم حلفاؤهم الانقلابيين، الذين يرونهم يتخبطون ويفشلون في إدارة شؤون البلاد، والسيطرة على الأمور، وعلى وشك السقوط القريب بأذن الله..
وجاءت الآن تحديداً لتأييد دعم (السيسي) رئيساً لمصر، دوناً عن باقي المرشحين الأخرين، هذه المرأة قالت في تصريح لها أثناء الزيارة:(خطوة شجاعة وجريئة من السيسي حين أقدم على الترشح للرئاسة!)..رائع يا اشتون!.. الأمور إذن صارت واضحة، بدأ الأوروبيون يكشفون أوراقهم إذن، وحقيقة (تأييدهم) و(تخطيطهم) للانقلاب، وما حصل في زيارة اشتون الأخيرة هذه، أنها اضطرت لكشف أوراقها علناً، وذلك بذهابها لمقابلة (السيسي) المستقيل عن منصب (وزارة الدفاع) بشكل مباشر، فرغم أنه لم يعد وزيراً للدفاع.. ولا له أي منصب رسمي الآن، والمفترض أنه الآن مجرد (مرشح) للرئاسة.. لكن هي بذلك فضحت وأكدت أن أوروبا تعلم أن (السيسي) ليس مجرد (مرشح رئاسي محتمل)،لكن هي جاءت له تحديداً لأنها تعلم أنه هو(الرئيس ) القادم، الذي سيفرض (كأمر واقع) بقوة المؤسسة العسكرية ويدها الغليظة، وأنه ليس هناك لا (انتخابات) ولا (مرشحين) ولا (نزاهة)ولا (عملية انتخابية) ولا (ديمقراطية) ولا يحزنون!..
***
الملاحظ أنها لأول مرة- تقريباً- جاءت مصر دون أن تقابل أي من (معارضي)الانقلاب، بل واهملت مقابلة أي معارض للانقلاب وبالذات أي ممثلين عن (تحالف دعم الشرعية)..ثم أعلنت أن أوروبا ستراقب الانتخابات القادمة بمصر.. أي (اعتراف رسمي من دول أوروبا بالعملية السياسية القادمة والتي جاءت على ظهر انقلاب عسكري!!)..عموماً، ليس غريباً.. هذا هو الغرب.. هو نفسه الذي كان يدعم نظام مبارك الفاسد الديكتاتوري...وهو نفسه الآن الذي يدعم سلطة انقلاب عسكري دموي.. فلماذا نستغرب؟!..
لينا صالح
أوروبا تكشف أوراقها! 1188