مازالت سارية في أوساط المجتمع ومازالت تتحكم في شئونهم وعلى السلطات العليا في الدولة ..تجعل المجموعة القائدة أو المجموع الذي يقود صيغة عامة يتتلمذ عليها عوام المجتمع ..من ذلك المنهل ينهلون.. إنها الثقافة التقليدية "الاستهلاكية" القائمة على الأمزجة والأهواء والرغبات.. ثقافة منشئها واعية سلبية وخوف وإذعان دون طلب لسلطات القهر والاستبداد.. بإمكانك أن تكون ما تريد! وتحقق ما تريد! ليس بمقدور أحد مهما بلغت سطوته وعلا شأنه أن يتدخل في صناعة وصياغة جهازك المفاهيمي والقيمي دون رضاك.. فعندما تسمح للغير أن يصوغ لك خياراتك ويحدد لك أسس تعايشك ونمط معيشتك.. تلك هي الكارثة اخترت نمط حياتك عن طوع منك وصارت ثقافة تقليدية استهلاكية لا ترغب الرحيل عنها.. الثقافة الاستهلاكية تعزز حياة القعود والجمود والكسل.. الاستغراق في مقعد الفسحة.. هي أيضا لا ترتكز على العلم والمعرفة والتفكير العلمي, بل على العادات والتقاليد والشائعات والتفكير الخرافي, ومنطق التبريرات وهوس الثرثرة على الماضي صاحبها{حكواتي}بامتياز..
أصحابها فريقان :أحداهما يستغرق بالقعود والجمود ويعيش نمط حياته بطريقة اعتيادية ورث فلسفة العيش وكسب الرزق ممن حوله.. شاطر في جلب المال والثروة وطرق تحصيلها.. صفر المعرفة والفكر.. يبني قناعاته وفقاً{لقالوا}سريع التأثر بالشائعات.. يخلط بين مفهوم القضاء والقدر وتقصير أداء البشر خاصة في ما يتعلق بشئون الحكم وإدارة الدولة.. مصاب بسوء الظن الذي ربما اكتسبه من تجربة ما لذا يعممها دائماً.. ضعيف الفهم، عاطفي ينقاد طوعاً لكل ما يوافق هواه وميوله ولخطاب الشكوى والتبريرات والبحث عن عدو يتم تحميله الواقع الذي نعيشه.. ويمكن أن نسميهم ضحايا الضحايا.
أما الصنف الأخر {لصوص دولة} والذي يتكاثر ويتوالد في مؤسسات الدولة قد يحمل الشهادات الثانوية أو الجامعية بل الدكتوراه "مثله كمثل الحمار يحمل أسفاراً" يشترك مع الصنف السابق في الثقافة الاستهلاكية لديه معلومات ثقافية عشوائية.. يتقن بمهارة تسويق المبررات للصنف السابق.. ينقاد سريعاً لمصلحته وأي مصلحة يرى أنها مهمة بالنسبة له{مصلحي}بامتياز.. ولأجلها يحب ويكره.. يعادي ويستميل.. شديد الالتصاق بذوي المناصب الإدارية في الدولة.. ضعيف الفهم ..سوبر ماركت الثقافة.. قناعاته تحركها المادة.. يؤمن بثقافة القطيع الجميع من أجل الفرد..
مفهوم التغيير لديه "لذائذي" وفق قانون المصلحة.. شديد المقارنة السلبية بين الماضي والحاضر.. يستحضر الواعية السلبية لأحداث الماضي خاصة الصراعات والحروب.. لمواجهة التغيير.. ويسوق الخوف منه إلى الصنف السابق.. أغلب هذا الصنف هومن يدير الدولة اليوم.. رأيناه حينما اشتعلت ثورة فبراير يشبه{الهرة}المتمسكنة..كان يلوذ بكنف الزعيم وأنصاره.. بذل معهم قصار جهده في مواجهة الثورة ومنهم من استعد وهاجم ساحات الثوار وعارك شباب الثورة.. رأيناهم بعد حادثة "مجزرة جمعة الكرامة" يبررون للناس قتل شباب الثورة.. وينشرون الشائعات حول الساحات..
وحينما واجه شباب الثورة قوى القهر المدججة بالسلاح بالصدور العارية.. وامتلأت ساحات اليمن وشوارعها بالحشود الثورية والشعبية.. وأسقطوا زعيمهم.. كان حديث الثائر السياسي ذاك الوقت هدفنا نسقط حكم العائلة.. ومراكز النفوذ.. برسالة مفادها لهؤلاء نحن لن نسقطكم إذا لم توقفوا مع العائلة.. تاركين الفرصة لهم لتسجيل موقف تاريخي للانضمام إلى ثورة التغيير.. انضم الشرفاء من نظام صالح للثورة.. وكان هؤلاء يتوددون للثورة!!سقط صالح الفرد وتلاشى حكم العائلة.. وبقي صالح المنظومة لصوص داخل الدولة ينخرونها مالياً وإدارياً!! ويعبدون الطريق للانهيار! ويحشدون المسهلات للثورة المضادة!
وفي القطاعين العسكري والأمني يقدمون المعلومات والتسهيلات لجماعات العنف لتقتل الجنود وتغتال القادة العسكريين والأمنيين ..إنهم لصوص داخل الدولة يتأمرون على إضعاف الدولة واستهداف الجيش والأمن لصالح تقوية جماعات العنف {الحوثيون} نموذجاً!!..
وتضليل هادي بتقارير وهمية لمخاطر الموت القادم من الثورة!!ليغض الطرف عن التوسع المسلح للحوثيين في شمال الشمال.. وترك فتيل الصراع في الجنوب مشتعلاً!! في مشهد يشبه المشهد الأخير من مسرحية.
أحمد الضحياني
ضحايا الضحايا..ولصوص دولة!! 1147