كل مجتمع منظم لابد من وجود دولة وبغير الدولة لا يكون المجتمع مجتمعاً، وإنما يكون مجموعة من الناس، وقد أدى تطور المجتمعات البشرية خلال الزمن الطويل إلى بروز تلك الظاهرة - ظاهرة السلطة والدولة وأن منذ بداية وجودها وحنى الآن كان الهدف الأساسي منها هو إشباع حاجة الناس للأمن، وأن الحاجة إلى الشعور بالأمن ظلّت إنسانية دائمة وملحة.
ولما كانت حاجة المجتمع البشري للأمن حاجة دائمة فإن ظاهرة السلطة بدورها أصبحت ظاهرة لأزمة، ومن الممكن أن نقول حيث وجدت الدولة وجدت بالضرورة السلطة، والوجه الآخر للسلطة هو الحرية، فإذا كانت السلطة لازمة لبقاء المجتمع البشري واستمراره فإن هذه السلطة يجب ألا تقضي على حرية الأفراد، وإنما لابد أن تحميها وتصونها من العدوان عليها. في الدول البوليسية وفي كل صور الديكتاتورية والأنظمة الشمولية لا تجد السلطة قيداً من خارجها، أما في الدول القانونية فالأمر يختلف فيسود مبدأ المشروعية، وهذ المبدأ يعني بالأساس حكم القانون فوق الإرادات جميعا، إرادة الحاكمين والمحكومين على السواء، أما في الدول الحديثة لا يترك الأمر للنوايا الطيبة ولا مكارم الأخلاق، وإنما توجد هناك آليات معينة لكبح لجام السلطة وتردها إلى جادة الصواب، وفي بلادنا وفي الوضع الحالي حيث توجد الدولة نسبياً توجد سلطة أيضاً وهي إرادات تحالف اجتماعي واسع، وطني الطابع أما حيث لا توجد دولة تنشأ سلطات لا وطنية إلى حد كبير فترك الأمر إلى النوايا الطيبة ولم توجد آليات معينة لردع أي جماعة مسلحة إلى جادة الصواب.
عبد الجبار الزريقي
الدولة والأمن.. 861