المعركة الحاصلة بين التيارين الإسلامي والعلماني حول الدولة وعلاقتها بالدين وهويتها ومصادر تشريعاتها ونظام الحكم وغيرها من الكثير من المسائل المندرجة تحت هذه العناوين العريضة, الإسلاميون يجاهدون بحجة هوية الأمة وحاكمية شريعتها "نظرية الحاكمية ليستقطب المودودي" وأنه لا يجوز فصل الدين عن الدولة كون الدين نظام حياة شامل, ومن هنا تثير هذه الدعاوي مخاوف العلمانيين ويتساءلون إذا كان الدين هو مرجعية الدولة فيعني هذا أن الدولة حاكمها مقدس عن النقد مثلما أن الدين مقدس؟..
من هنا لا يجوز الاعتراض على الحاكم ونقده أو حتى مناقشة مخرجاته, معنى هذا محاربة الإبداع والتخويف على الحياة الفكرية والسياسية وإنها الشراكة وإقصاء كل من يتبنى فكر آخر باختصار أن الإسلاميون "سيتكهنون" وهذه المخاوف مبررة لكن الطريقة التي تبنوها خاطئة ومطالبهم بفصل الدين عن الدولة مطالب غير صحيحة, وغير قابلة للتطبيق والحل الأمثل فصل الدين عن المتدين وعن التدين؛ لأن الدين نصوص مقدسة ومنزهة عن الزلل لكن المتدين بشر يخطئ ويصيب وإذا ما تحقق هذا ستكون دعاوى العلمانيين باطلة ومنحلة ومخاوفهم من الاستبداد الديني لا وجود لها..
إضافة إلى أن مخاوف الإسلاميين ستكون محاولة فلا العلماني سيتفسخ ولا الإسلامي سيستبد, كل هذا والإسلام هو المرشد والموجه لسير الدولة بغض النظر عن الحاكم, فإذا ما كان علمانياً فهوم محكوم بنظام ودستور وقانون لا يستطيع تعديه وكذلك بالنسبة للإسلامي, ويصبح الكل مجرد عامل لدى الشعب وملزم بتطبيق النظام وقابل للنقد وغيره منزه عن الخطأ, وهناك إشكالية أخرى يقولها العلمانيون عن أي تشريع تتحدث وعن أي دين وهناك طوائف وفرق وسنة وشيعة وهذه الإشكالية يكون حلها عن طريق فصل الدين عن التدين..
إضافة إلى فصل الدين عن المذهب وسيكون الإسلام ونصوصه الأصلية هي الفصل في هذا, وستصبح كل الدعاوى العلمانية منحلة ولا مبرر للتطرف العلماني الداعي إلى فصل الدولة عن الهوية..
ألفت عنايتكم هنا إلى أن بعض العلمانيين قد تحولوا إلى باباوات وقساوسة منزهون عن الخطأ بل ويمارسون كل أنواع الإرهاب على كل من ينتقدهم بحجة أنهم لا ينطقون عن الهوى ومن هنا يبرز التطرف العلماني ولكنه هذه المرة برداء الحداثة والعقلانية الجوفاء!!.
محمد المياحي
التطرف العلماني ومبرراته!! 1582