تباينت وجهات النظر للدول الكبرى حول أحداث الربيع العربي وإن كانت مجتمعة على خروج دول الربيع عن القمقم المرسوم لها يشكل تهديداً مبطناً لكل الاحتمالات, حيث أن استعادة الشعوب لقرارها والسعي نحو التحرر الكلي من التبعية للامبريالات المهيمنة على الشعوب الذي يصف نفوذ القوى الكبرى بوضوح ويسمح بصعود دول جديدة لها ثقل في الميزان الدولي تلعب دوراً في مناطق تشكل خطوط حمراء بالنسبة للدول التي تتقاسم النفوذ, وذلك على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها.
في بداية الوهج الثوري كان الجميع مذهولاً من هول الحديث ولم يستوعب الدرس بعد, إلا أنها أيام قلائل واستطاعت من خلالها الدول الكبرى استيعاب الحديث وحاولت التكيف معه, بل أكثر من ذلك احتواء المارد الجديد وإيجاد طرق للالتفاف عليه ـ كل بلد حسب خصوصياته ومع حالات الجيشان العاطفي والروحي الثوري وطغيان الهتافات الطموحة والخيالية على حد سواء كان العقل ودوره غائباً هناك أو مغيباً بفعل فاعل, ومن هنا تسللت الأطماع والمصالح لتتطفل على إرادة الشعوب "المغفلة" إن صح التعبير صحيح إن العامل الإقليمي الدولي كان حاضراً في هذا السياق, إلا أن الفجوة الداخلية وحالة الذهول والغفلة هي من سمحت لتلك الأجسام الغريبة بالنفاذ والعمل من أجل هدف مسار الحراك الثوري كي لا يتصادم مع مصالحها الجافية على صدور الشعوب, إضافة إلى ذلاك التواطؤ المحلي الذي باع شعبه بعرض من الدنيا قليل, وقبل الختام أود التأكيد على أن المصالح الدولية المتقاطعة ما لبثت أن تناحرت في دول قريبة من مناطق النفوذ وتقع في جغرافيتهم وكشر كل طرف أنيابه قائلاً:
"التقاسم لا يكون إلا في الشعوب العربية ـ النامية ـ أما هنا فلا". هذا هو الحال بالنسبة للدولة الأوكرانية التي اجتاحتها رياح التغيير, إلا أنها ما زالت متفاعلة مع كل طرف غير قابل عن التخلي عن موقفه ولو على حساب بلده الذي بات في مهب الريح.
محمد المياحي
الثورات العربية واللعبة الأممية!! 1425