لا شك بأن الأوضاع التي تمر بها البلاد حساسة جدا، ومعقدة إلى حد كبير، رأى معه البعض ممن كانوا ضد الثورة أصلا بأنه انسداد للأفق بسبب الثورة التي قامت في البلاد وغيرت رأس النظام، رأت فيه مثل هذه القوى بأن الأوضاع أيامه كانت الأفضل والأحسن مقارنة بما يجري اليوم، ومثل هذا الحديث قد ينطلي على البعض من ضعاف النفوس، أو ممن لا يريدون أن يفهموا الأوضاع على حقيقتها، ولهؤلاء نوجه حديثنا:
صحيح قد تكون البلاد تمر بأوضاع هي الأصعب في تاريخها، والوضع الاقتصادي السيء يضرب بأطنابه على عرض البلاد وطولها؛ فأزمة المشتقات النفطية مازالت في أوجها، والانفلات الأمني ما زال هو من يحكم الشارع ويسيطر عليه في كثير من نواحيه، فضلا عن ضرب أبراج الكهرباء، وتفجير أنابيب النفط، ومسلسل الاختطافات والاغتيالات، أمور جعلت الشعب يمر في منعطفات خطيرة قد تعيد تفكير الناس بطريقة ينشدها الطرف المأزوم، وواضع مثل هذه المطبات التي يريد منها إعاقة المد الثوري الذي قام في اليمن حرر الناس من رقعة الأسرة الواحدة التي ما زالت تتمتع بالكثير من النفوذ في كثير من مفاصل الدولة.
مما ساعد على هذا الوضع بنظري؛ فئة الوزراء المحسوبين على النظام السابق لأنهم باختصار يدينون بكامل الولاء لعلي عبدالله صالح، ويجتمعون معه على الدوام، ويقومون بتهنئته قبل تهنئة عبدربه منصور هادي في المناسبات والأعياد، ويكونوا مستبشرين عندما يكونوا في الحضرة الصالحية أكثر مما يكونوا عند ربه هادي منصور هادي، هذه الأمور لا تخفى على كل عاقل ينظر بعين واحدة فضلاً عن العينين.
ما أريد التأكيد عليه هو أن أي ثورة تقوم بالأخلاق والقيم لا بد وأن ثورة مضادة ستقوم بعدها كنتيجة طبيعية وحتمية لأي ثورة قيمية وأخلاقية تقوم لاقتلاع الظلمة والمستبدين، فقط بتفكير بسيط ندرك لماذا تبقى مثل هذه الثورات المضادة؟، باختصار لان من ثار عليهم الناس- إن تركوا- فبالتأكيد سيظلون يتربصون بمن ثار عليهم، وسيجندون لذلك كل صعب وذلول، هذا الذي ينبغي على الناس أن يفهمونه، أن يكونوا أكثر وعياً وإدراكاً بما يحاك لهم من مخططات تآمرية تريد ضرب الثورة بعضها بعض، وزراعة الشقاق والنفاق بين الناس، وبالتالي فإن ذلك بنظر هؤلاء سيسهل لهم شق صف هذه الثورة، وزراعة بذور الثورة المضادة لتأتي على أنقاض ثورة قدم لها الناس الغالي والرخيص.
ما حدث في مصر وتحديدا ما صنعه الانقلابيون يرقى إلى حد كبير بأن نسميه ثورة مضادة، لكنها لم تُؤتَ أكلها حتى الآن، أما لماذا؟, فلأن الشعب ما زال ممسكاً بزمام ثورته فقط ليس إلا، وهذا هو المطلوب منا في اليمن أن نبقى ممسكين بزمام ثورتنا متى ما استدعت الحاجة انتفضنا وظللنا مستعدين لأن نفدي ثورتنا بكل غالٍ ورخيص..
مروان المخلافي
حساسية الأوضاع..هل تذهب ريح الثورة؟! 1064