;
د. عادل عامر
د. عادل عامر

خصخصة صناعات الدولة 1459

2014-07-17 07:30:39


اقتصاد مصر قادر على مواصلة النمو السريع إلى حد ما, لكن، لكي يكون هذا النمو مستداماً، ثمة حاجة إلى إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق.

 بعض هذه الإصلاحات لا تستطيع ولا يجب أن تنتظر وإذا ما تم توضيح وتنفيذ هذه الإصلاحات على نحو سويّ، فقد تحصد دعماً شعبيا، بما في ذلك من جانب فقراء مصر. والواقع أن الإصلاحات التي تم تبينها في السنوات الأخيرة من حكم مبارك، كانت تُحقق نتائج طيبة. فالبلاد أحرزت تقدماً هاماً في مجال جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وحسّنت بيئة العمل، وقلّصت عبء الدين العام، وولّدت النمو. لكن، وعلى رغم هذا التقدم الذي تحقق، بقي القطاع العام إلى حد كبير غير فعّال، وفاسد، وثقيل الوطأة في تدخلاته. ونتيجة لذلك، كان نحو 82 في المائة من قطاع الأعمال الخاصة يُدار بشكل غير رسمي، وفقاً للاقتصادي المصري سيد معوض أحمد عطية؛ هذا في حين أن دارسة في العام 2006 (Labor Market للحكومة،vey ) كشفت النقاب عن أن 61 في المائة من القوة العاملة المصرية ليست موظّفة رسميا. إن مواصلة برامج إصلاحية محددة طُبِّقت في عهد مبارك، على غرار خصخصة صناعات الدولة وتقليص عمالة القطاع العام، هو أمر غير عملي سياسياً في الوقت الراهن بسبب الطبيعة المؤقتة للحكومة ، وللرابط في أذهان الناس بين الفساد وبين برنامج الخصخصة. بيد أن الغضب الشعبي على المحاباة والمحسوبية في عهد مبارك يمكن وضعه قيد السيطرة عبر جعل القطاع العام أكثر شفافية ومساءلة. فالعديد من الإصلاحات، مثل استخدام عطاءات المناقصات المفتوحة لعقود الشراء العامة، أو النشر الأفضل والأكثر اتساقاً للمعلومات والمعطيات المتعلقة القطاع العام، قد لا تكلّف شيئاً تقريباً وقد تجلب فوائد جمة في فترة وجيزة من الزمن. علاوة على ذلك، يمكن تمكين الفقراء المصريين بسرعة إذا ما مُنحوا سندات قانونية لملكيتهم وشُجّعوا على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي. في العام 2004، وجدت دراسة للاقتصادي البيروفي هيرناندو دي سوتو Hernando de Soto  أن 92 في المائة من المصريين يحوزون على ملكية عقار من دون سندات ملكية رسمية، ما يجعلهم غير قادرين على استخدامها كضمان إضافي للقروض أو للدخول في مجال معايير العقود وقواعد إنفاذ القانون.

 وإذا ما تمّ أيضاً تقليص التكاليف والإجراءات في العمل داخل القطاع الرسمي، فهذا سيحسّن أكثر وضعية الفقراء. وحتى تكون الخصخصة نظاماً ناجحاً لابد أن تكون له أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية وذلك عن طريق إيجاد فكر جديد للخصخصة خاص بالمجتمع المصري فقط وملائم لتركيبته الاجتماعية لتصبح نقطة لصالح المجتمع وليس ضد المجتمع وأول هذه الأفكار أن تقوم الدولة باستخدام عائد بيع الشركات الخاسرة في إنشاء مشاريع استثمارية إنتاجية ثم تقوم الدولة ببيعها إلي القطاع الخاص وعائد البيع لهذه المشروعات يتم استخدامه في إنتاج مشاريع إنتاجية أخري وهكذا وأهمية هذه الفكرة أنها تستوعب العمالة المصرية بصورة تراكمية وبذلك تضمن الدولة قدرتها علي حل مشكلة البطالة وثاني المكاسب استعادة الدولة لدورها السياسي عن طريق تحكمها في عملية الإنتاج حسب احتياجات المجتمع وثالث هذه المكاسب هو تخلص الدولة من زيادة النفوذ الأجنبي المتمثل في امتلاك الأجانب لوسائل الإنتاج ورابع هذه المكاسب هو إنشاء قطاع خاص مؤهل للعملية الإنتاجية ويتم استيعاب احتياجات المجتمع من خلاله وهذه الفكرة هي فكرة دولة اشتراكية بفكر رأسمالي أما الفكرة الثانية فهي استخدام عائد بيع الشركات الخاسرة في إصلاح هياكل بعض الأدوات الإنتاجية المؤثرة في المجتمع والتي تستطيع الدولة من خلالها التحكم شبه الكامل في العملية الاقتصادية سواء الإنتاجية أو التجارية.

مصر تحتاج إلى إصلاح قانون الإفلاس، وتقليص الفترة والتكاليف المطلوبة لفتح وإغلاق الأعمال، وخفض تكاليف الاستخدام وإنهاء الخدمات؛ كما تحتاج إلى إصلاحات لحماية استقلالية التحقيقات القضائية حول الفساد والكسب غير المشروع. وفي حين أن بعض هذه الإصلاحات يمكن أن تكون مُرهقة تقنياً، وربما تُقاوم، إلا أنها لن تستهلك سوى قدر يسير من المال العام.

وثمة قضية إصلاح أخرى قرر المصريون تنحيتها جانباً في المرحلة الراهنة، وهي المؤسسات الاقتصادية الكبيرة للجيش، والتي يُقدّر بأنها تشكّل ثُلث الاقتصاد برمته أو حتى أكثر. وفي ضوء الدور الأساسي الذي لعبه الجيش في الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وكذلك في ضوء النزاعات السياسية المستمرة بين المحتجين والجيش، فقد استنتجت قوى الاحتجاج أن تحدي المصالح الاقتصادية للجيش أو اتهام الضباط بالفساد قد يكون قضية متفجّرة للغاية في هذه المرحلة. وهنا لابد من التأكيد على دور الحكومة في ترشيد الاستثمار الإجمالي لعائدات الثروة الوطنية، وفي مثل هذه الحالة تكون عملية الخصخصة قائمة على منطلقين الأول خصخصة العلاقة الشرعية بين المواطن المصري من جهة وبين تلك العائدات من جهة أخرى وذلك ما يمكن تحقيقه من خلال التأسيس لمنظومة مالية تكفل عملية توجيه الإنفاق المقررة في موارد إدارية انسيابية ومنها مؤسسات الضمان الاجتماعي على إن يجري توسيع نطاق مهامها لتشمل الطاقة البشرية المهشمة التي لم تستطع الحصول على فرصتها في العمل جراء الظروف الاقتصادية المعروفة والمتزامنة مع عملية التأسيس لاقتصاد وطني جديد قائم على الخصخصة واستثمار رؤوس الأموال الأهلية في إدارة عجلة الاقتصاد .

 أما الجانب الآخر في تفعيل خصخصة العلاقة الشرعية بين المواطن وعائدات الثروة الوطنية فيتمثل في وضع الآليات القانونية المعنية برفع المستوى المعاشي العام الأمر الذي يمكن إنجازه من خلال الارتقاء بمرتبات الموظفين والخروج بها من دائرة الهبوط جراء تقلبات السوق والأسعار بمعنى آخر إن يؤدي ذلك إلى مضاعفة قدرته الشرائية فضلا عن تمكينه من توفير احتياطي نقدي مناسب يؤهله للتكيف مع ظروف الخصخصة المعقدة .

 هذه المؤشرات يمكن إن توفر الحصانة العملية لمعادلة الدخل بين مختلف طبقات المجتمع خاصة إذا عرفنا إن مرحلة التأسيس الاقتصادي بهذا المعنى سوف تؤدي إلى تهيئة الأرضية المناسبة للطبقة الغنية والأشخاص ذوي رؤوس الأموال الكبيرة في الوقت الذي تتحول فيه الطبقة الوسط والطبقة الدنيا مشروعين بشريين قابلين للتهميش والاستلاب.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد