كلنا يعرف أننا نعيش زمن المصالح ، وعصر الولاءات والتحالفات ، يرتكن البعض إلى البعض الآخر، وهو زمن أسوأ ما فيه؛ أن القوى الكبرى هي من تتحكم بهذه التحالفات ، بحيث تصير القوى الصغرى بيادق بيد الآخرين.. على سبيل المثال: الحوثي في اليمن كحالة متمردة على هيبة الدولة هي في الأصل بيدق يديره الإيراني أينما شاء ، إلى درجة أن "أبو بكر القربي" وزير الخارجية السابق لطالما كان يشكو من تدخلات إيران السافرة إلى درجة أنه في بعض الأحيان لا يتورع من ذكر ذلك على شاشات وسائل الإعلام ، ما يعني أن الجماعة بيدق معتق بيد إيران ، والحوثيون مثلهم مثل حزب الله الذي ذهب للقتال في سوريا بإذن من ايران ، حتى حروبه مع إسرائيل كانت ايران من تُتكتك لهم سواء فيما يخص وقف أو استمرار قصف مدن إسرائيل، وهذا الذي تعودت عليه إسرائيل مع حزب الله؛ أنها تجابه حزباً تديره إيران ، أي أن قراره الأول والأخير بيد إيران ، فهي من تمول منظومته الصاروخية ، وهي من تدعمه ببقية الأسلحة ، وهي من تكفلت ببناء الضاحية الجنوبية بعد الحرب ، وهي من تتكفل برواتب أفراد حزب الله ، باختصار حزب الله منظمة إيرانية بوجوه لبنانية .
ودعمت ايران حركة المقاومة الإسلامية حماس ، لكنها ليست كحزب الله ، لأن حماس كحركة مقاومة تدير معركتها داخل فلسطين بفهم سديد ، ولذلك فإنها عصية على الاحتواء ، وهذا الذي تعرفه وتدركه إسرائيل؛ أنها تقاتل حركة مجاهدة ترتكز في المقام الأول على دعم شعبها وأفرادها وأبناء أمتها، ولذلك فقد تحررت من أن تكون بيدقاً بيد الآخرين ، ولربما قد يكون هذا الشيء مزعج لإيران ، لكنها تبقى موضع احترام عندهم لأنها حركة قبلت أن تأخذ دعم إيران لكن دون أن تكون هناك تبعية بأي شكل من الأشكال..
رأينا كيف أن النظام السوري حاول أن يستميل حركة حماس التي عاشت فيها لسنوات في ضيافته، ومع ذلك لما طلب النظام من قادة هذه الحركة أن يؤيدوه ضد الثورة التي قامت في سوريا ، رفض قادة حماس ذلك ، وقالوا بصريح العبارة ، سوريا دعمتنا في الخير ، ونحن لن ندعمها في الشر ،وبعدها تم طرد هذه القيادات لما حصل لها ابتزاز رفضته رفضاً قاطعاً ، وهي اليوم كذلك ، تركيا وقطر الداعمان الأساسيان لحماس لم نسمع قط بأنهما حاولا أن تستميلا حماس للوقف بمواقف سياسية نحوهما، أصلا هاتان الدولتان لا تحتاجان لمثل هذه المواقف، وهو ما يميزهما عن غيرهما، هو أن دعمهما غير مشروط ، يدعمون المقاومة لأنه مطلب شعبي لهذه الدول، وفعلت ما يملي عليهما شعبيهما، والمقاومة مدينة لهاتين الدولتين اللتين وقفتا بقوة وشرف مع المقاومة في زمن عزّ فيه الواقفون بدعمهم للمقاومة.
اليوم لابد وان تُرفع قبعات التقدير والاحترام لهاتين الدولتين "تركيا وقطر " اللتين أصبحتا تمثلان رمزاً للكرامة، والعطاء الجميل الذي تستحقه حركات المقاومة والتحرر في العصر الحديث.
ولحماس نقول لها: على الدرب كوني دائماً، إن احترمك وتقديرك بين الشعوب وبعض قادتها لأنك حركة حررت قرارها قبل الدخول في معركة تحرير أرضها، هذه هي الحقيقة التي يدركها العدو، ويدرك معها أن قوة حماس تستمدها من هذه الحقيقة التي قوّتهم في الميدان، وجعلتهم مالكي زمام المبادرات على كافة المستويات والأصعدة..
مروان المخلافي
رفضت أن تكون كالحوثيين وحزب الله لعبة بيد إيران..حماس كبيدق بيد الآخرين 1145