اليمن دولة بحرية تقع على البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، حيث يعتبر ميناء عدن من اهم الموانئ العالمية استخداما للملاحة الدولية وذلك بحكم الموقع البحري الممتاز كأحد المفاتيح الرئيسية للجزيرة العربية وللتجارة العالمية وذلك بما يمتاز به من الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لالتقاء كافة طرق التجارة بين الشرق والغرب مما جعل منها مركزا مهما للتجارة البحرية الدولية. اليمن - باب المندب كما أن مضيق باب المندب يعتبر من اهم المضايق الملاحية الهامة في العالم حيث يقع ضمن البحر الإقليمي للجمهورية اليمنية، ويشكل وسيلة اتصال دوليه للملاحة البحرية، حيث تمتلك اليمن اكبر جرف قاري بين دول الشرق الأوسط، كما أن المنطقة الاقتصادية الخالصة تمتد 200 ميل بحري، بالإضافة إلى المنطقة المجاورة.
وقد أولت اليمن عنايتها واهتمامها حول موضوع البحار والمضايق واهتمت بالمفاهيم والقوانين الحديثة التي ناقشها آنذاك المؤتمر الثالث لقانون البحار لعام 1982 والمتعلقة بملكية البحر وثروته، وتنظيم الملاحة فيه.. وساهمت- منذ الوهلة الأولى بفعالية- في المفاوضات التي تدور في فلك هذا، وتقدمت اليه بالاشتراك مع بعض الدول البحرية الأخرى بعدة مشاريع حددت فيها بوضوح تام موقفها في كل القضايا البحرية.. وعلى ضوء ذلك لجات إلى إعادة صياغة وتعديل القوانين السابقة في شطري اليمن، ومنها قانون رقم 45 لعام 1977م بإصدار قانون رقم 37 لسنة 1991م بشان البحر الإقليمي والمنطقة المجاورة والمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.
فمضيق باب المندب يصل البحر العالي (يعنى أعالي البحار حيث تتمتع كافة السفن الأجنبية منها: الحربية والنووية بحرية الملاحة الدولية بحرية تامة) للبحر الأحمر بالبحر العالي لخليج عدن. ويوجد في مدخله جزيرة تسمى ميون (بريم) وهذه الجزيرة تشطره إلى ممرين احدهما صغير والآخر كبير.
وكلا الممرين صالحان للملاحة البحرية فالممر الضيق يمكن القول من الناحية القانونية يدخل ضمن اطار المياه الداخلية للدولة، فهي لها السيادة الكاملة على سير الملاحة البحرية ولا يحق لأي من السفن الدخول إلا بإذن مسبق ومشروط وبالتالي فالممر(المضيق) الصغير يخرج من نطاق طائفة المضايق الدولية، فهو يخضع للسيادة المطلقة لليمن، فلا يخضع لا لحرية المرور العابر أوالمرور البري لأنه يعتبر مياها داخلية وطنية تخضع لسيادة اليمن ولقانونها الداخلي. أما المضيق الكبير يمكن القول هو الواقع بين جزيرة ميون (بريم) والساحل الأفريقي ويربط أعالي البحار بالبحر الأحمر وبأعالي البحار لخليج عدن، ويعتبر مياها إقليمية للدول المطلة عليه، وهى: اليمن، وجيبوتي، وأثيوبيا وأرتيريا. وبالنسبة للملاحة البحرية في هذا المضيق أوالممر، فهو يدخل ضمن اطار الاتفاقية بين الدولة المطلة- أي يجب أن يتم إبرام اتفاق خاص بين الأطراف المعنية.
ولكن للأسف الشديد ولغياب الوعي القانوني وإهمال الدول في الإسراع في سن التشريع، وبالتالي يطبق عليه القواعد العامة في القانون الدولي العام في حالة حدوث أي نزاع أو خلاف قد ينشا بين الدول الساحلية لهذا المضيق.
وبما أن المضيق تحده شواطئ اكثر من دولة واحدة فهو يخضع لسيادتها المشتركة ويعتبر مياها إقليمية، ويخضع لمبدا حق المرور البريء وتمارس كل دولة من الدول سلطاتها عليه بقدر مساحة بحرها الإقليمي، وهى 12 ميل بحري استنادا إلى المادة 15 من الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لقانون البحار الصادر في عام 1982م، وقد بدا التوقيع والتصديق من بعض الدول، وهناك تحفظات من بعض الدول ولم تصادق حتى يومنا هذا.
أما بالنسبة لليمن قبل إتمام الوحدة اليمنية فقد وقع الشطران حينذاك كل على حدة ككيانين دوليين مستقلين ونجم عن ذلك أن الشطر الشمالي وقع في عام 1982ولم يصادق عليه حتى أبريل 1991م، إلا أن مجلس الوزراء في عام 1985م كان قد وافق عليها كما أقرها مجلس الشورى في نفس العام وحسب الدستور (الشطر الشمالي في حينها) * "اذا لم يصدر رئيس الجمهورية مشروع قانون يوافق عليه المجلس خلال 30 يوما من رفعه إليها, ودون طلب إعادة النظر فيه, اعتبر ذلك تصديقا من رئيس الجمهورية، واصدر القانون" المادة 69 ن الدستور.
وبالنسبة للشطر الجنوبي فقد وقع مندوبه على الاتفاقية في العام نفسه، كما صادقت حكومته على الاتفاقية. وبعد أن تكللت جهود الشطرين بإعادة الوحدة اليمنية واصبحا كيانا دوليا واحد يحتم على الدولة المتحدة أن توحٌد موضوع التصديق وتوحٌد إعلانها في ذات الوقت. وقد تمت الخطوة الأولى باعتبار تصديق اليمن الجنوبي تصديقا عن اليمن الواحد وذلك وفقا لاتفاقات الوحدة التي تورث دولة الوحدة الواجبات والحقوق الدولية.
فالوضع القانوني لمضيق باب المندب يعتبر ضمن اطار المياه الإقليمية لليمن ولا يحق لأي دولة أن تمخر بسفنها عبره إلا بإذن مسبق من اليمن. وبالرغم من أن الاتفاقية قد وضعت بعض القيود، وهو قيد المرور البري حيث يسمح لكافة السفن الأجنبية حق المرور البري يقصد بذلك المرور السريع دون توقف أورسو إلا في حالة القوة القاهرة.. لقد أفردت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الجزء الثالث من المادة 34 حتى المادة 45 للمضايق المستخدمة للملاحة الدولية.
فاليمن لها كافة الحقوق في سن التشريعات البحرية وتنفيذها إزاء الغير سواء أكانت من الناحية الجنائية أوالمدنية، وحيث تلتزم كافة السفن الأجنبية بتنفيذها، وأيضا لها الحق في اتخاذ كافة التدابير الاحترازية لمكافحة القرصنة البحرية والإتجار بالمخدرات في مجالها البحري.
استنادا إلى ما سبق أؤكد ما يلي:
أولا: بالنسبة للملاحة البحرية في مضيق باب المندب فهو في الأساس يعتبر ضمن المياه الإقليمية، ولليمن حق السيادة المباشرة على بحرها الإقليمي بمسافة 12 ميل بحري، ويحق للسلطات اليمنية أن تمارس حقها القانوني في إغلاق مضيق باب المندب في حالة أية انتهاكات ضدها، ولا يمكن تدوله استنادا إلى القواعد والأعراف الدولية.
قديما كان هناك اتجاهين يتنازعان تحديد سياسة الدول بالنسبة لما ينبغي أن يكون عليه استغلال البحار والانتفاع بمواردها، فقد الأول رمى إلى الإبقاء على السمات الطبيعية للبحر واعتبار حرية البحار هي الأصل بحيث تتمتع الدول كافة بحرية الملاحة البحرية في مياه البحار والملاحة الجوية فوق تلك المياه. أما الاتجاه الثاني فقد رأى ضرورة أن تؤخذ مصالح الدول الساحلية في الاعتبار وتعطى لها الأولوية عند تحديد القواعد والتنظيمات المتعلقة بالبحر وإقرار تنظيمات بحرية تهدف لإقرار سيادة الدول الساحلية وتأكيد ولايتها في المناطق البحرية المجاورة لشواطئها أو القريبة منها بما يكفل تحقيق المصالح الأمنية والاقتصادية لهذه الدول.. وفي منتصف القرن التاسع عشر بدأت تستقر الآراء التي تدعو إلى حرية البحار وتفرق في ذلك بين المناطق التي تخضع لسيادة الدولة الساحلية وولايتها الإقليمية وبين المناطق التي تعتبر بحرا حرا تستعمله كافة الدول على أساس المساواة وبالتالي تم التمييز بشان البحار بين قسم تخضعه الدولة لسيادتها وهو ما يعرف بالبحر الإقليمي وقسم آخر مفتوح لجميع الدول وهو ما يعرف بأعالي البحار . ويمتد نطاق البحر الإقليمي لمسافة تصل إلى مائتي ميل بحري. وقد صدرت اتفاقيات جنيف لقانون البحار التي صدرت عام 1958 كما صدرت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تضمنت العديد من القواعد التي تواترت عليها الأعراف الدولية البحرية والتي يسري حكمها في مواجهة الكافة. وقد تم تقسيم مياه البحر إلى:
* المياه الإقليمية: وهي تلك المياه المنغلقة والمتداخلة في الإقليم البري للدولة بسبب التعرجات الطبيعية والواقعة في اتجاه اليابسة من خط القاعدة الذي يقاس منه البحر الإقليمي. وتخضع لسيادة الدولة بوصفها جزء لا يتجزأ من إقليمها البري.
*البحر الإقليمي: هو مناطق من البحار ملاصقة لسواحل الدولة. ويخضع للسيادة التامة للدولة الساحلية.
*المنطقة المتاخمة: هي مسطحة محدودة للبحر الإقليمي ويقع خارج حدوده.. ويمّكن الدول الساحلية من المياه الإقليمية اللازمة لمنع مخالفة أنظمتها المتعلقة بشئون الجمارك والإقليم الهجرة والصيد داخل البحر الإقليمي. وقد اخذ المجتمع الدولي بفكرة المنطقة المتاخمة كنوع من الحلول للتوفيق بين ادعاءات الدول المتعارضة فيما يتعلق بتحديد بحارها الإقليمية.
*الجرف القاري: هو اصطلاح مستعار من علم الجيولوجيا. حيث أن الساحل البحري ينحدر تدريجيا تحت الماء إلى أن يصل إلى نقطة معينة ينحدر بعدها بعمق فجائي, وظهر أول استخدام لمصطلح الجرف القاري عند بادية الصراع بين الدول على استغلال المساحات البحرية القريبة من شواطئها بعدما ثبت وجود ثروات هائلة من البترول والمعادن في تلك المناطق, ويعتبر الجرف القاري امتدادا جغرافيا لإقليم الدولة وتأكيد اختصاصها في مباشرة الاستغلال الأمثل لتلك الثروات.
*المنطقة الاقتصادية الخالصة: وهو مفهوم حديث يمثل آخر ما وصل اليه الفكر القانوني لتلبية احتياجات الدولة الساحلية في مد ولايتها الإقليمية لمسافات بعيدة خارج نطاق البحر الإقليمي. وهي بحدود 200 ميل بحري من ساحل الدولة أو اكثر من ذلك اذا كان الجرف القاري لتلك الدولة يمتد لمسافة اكثر من 200 ميل بحري. وقد جرى تأييد هذا المفهوم نظرا لكون اغلب الدول الساحلية خاصة في أفريقيا دول نامية وفقيرة مما يوفر لتلك الدول مصدرا أساسيا للدخل.
البحار شبه المغلقة: وهي أيضا فكرة حديثة فالدول المطلة على البحر بسواحل ضيقة ترغب في التمتع بحريات الملاحة والصيد وإجراء البحوث العلمية على قدم المساواة مع الدول المتمتعة بسواحل طويلة على نفس البحر شبه المغلق ولذا وضعت الاتفاقيات الجديدة لقانون البحار في الحسبان الأوضاع الخاصة بالبحار المغلقة والبحار شبه المغلقة فتم تعريف البحر المغلق أو شبه المغلق بانه يعني خليجا أو حوضا أو بحرا تحيط به دولتان أو أكثر ويتصل ببحر أخر أو بالمحيط بواسطة منفذ ضيق يتألف كليا أو أساسا من البحار الإقليمية والمناطق الاقتصادية الخالصة لدولتين ساحليتين أو اكثر . وينبغي ان تتعاون الدول المغلقة لبحار شبه مغلقة فيما بينها في ممارسة ما لها من حقوق وأداء ما عليها من واجبات للتنسيق في إدارة المياه الحية للبحر وحفظها واستكشافها واستغلالها وحماية البيئة البحرية والثروات الحية (الثروة السمكية) والتنسيق في سياسات البحث العملي ببرامج مشتركة, ومن أمثلة البحار شبه المغلقة: البحر الأحمر والخليج العربي.
الدول الحبيسة: كثير من الدول ليست لها سواحل بحرية وهناك دول تطل على البحر ولكن سواحلها قصيرة جدا وتفقد تلك الدول بوضعها هذا الكثير من المزايا الاقتصادية. فطالبت تلك الدول أبان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار بمطالب تمكنها من الوصول إلى البحر وما يقتضيه ذلك من تقرير حقوق معينة لتلك الدول في مواجهة دول المرور العابر ومشاركة الدول الساحلية في استغلال تروىت المنطقة الاقتصادية والمشاركة في ثروات المنطقة الدولية لقيعان البحار والمحيطات وراء حدود الولاية الوطنية للدول الساحلية. وبذا فقد قررت الاتفاقيات منح الدول الحبيسة حقوقا على الموارد الحية الموجودة في المناطق الاقتصادية الخالصة للدول الساحلية المجاورة في حدود معينة –وحريات الملاحة والتحليق ووضع الكابلات ومد خطوط الأنابيب والمشاركة في استغلال ثروات المنطقة الدولية لقيعان البحار والمحيطات.
المضايق الدولية: الإشراف على المضيق المائي يمكّن الدولة المطلة عليه من الحصول على فوائد اقتصادية كبيرة خاصة من ناحية تقديم خدمات الإرشاد الملاحي للسفن المارة عبر ذلك المضيق وما يرتبط ذلك من تسهيل رسوها في موانئ هذه الدولة وبذا تتحصل الدولة على رسوم عبور تسهم في تحقيق الانتعاش الاقتصادي.. وتتحكم الدولة في المضيق وتسيطر عليه ويمكنها إغلاقه في وجه الملاحة مما يعد وسيلة ضغط تساعد تلك الدولة في تحقيق أغراضها السياسية (مضيق هرمز – ومضيق باب المندب) ولهذا فان المضايق الدولية من اكثر المواضيع نقاشا وخلافا في فقه القانون الدولي العام. وجدير بالذكر أن المضيق المائي الذي صنعه الإنسان لا يدخل في مفهوم المضيق المائي في القانون الدولي (قناة السويس).
الارخبيلات: الدولة الارخبيلية هي الدولة المكونة من مجموعة جزر تشكل تلك الجزر والمياه والمعالم الطبيعية كيانا جغرافيا واقتصاديا وهناك خطوط اساس ارخبيلية مستقيمة تربط بين ابعد النقاط في ابعد الجزر وبين الشعاب المتقطعة في الارخبيل.. وقد وضعت أحكام المرور في مياه الدول الارخبيلية بحيث تحدد تلك الدول ممرات بحرية وطرقا جوية فوقها تكون ملائمة لمرور السفن والطائرات مرورا متواصلا.
أعالي البحار: هي تلك المناطق من البحار والمحيطات التي لا تخضع لسيادة أية دولة ساحلية كانت أو غير ساحلية ويمتنع بذلك على الدول كافة ممارسة اختصاصاتها في أعالي البحار فهي حق مشترك للجميع كطريق عالمي في وقت السلم. وهذا لا يمنع الدول فيما بينها تنظيم الاستعمال السليم لأعالي البحار حتى لا تسود الفوضى في تلك المناطق من باب الحرص على حماية الأرواح والممتلكات. ولجميع الدول الاستفادة من خيرات مناطق أعالي البحار ويترتب على ذلك عدم جواز تفتيش السفن المارة في أعالي البحار في وقت السلم. إلا في حالات القرصنة والإتجار بالمخدرات أو البث الإذاعي غير المصرح به والمطاردة الحثيثة لسفينة ارتكبت مخالفة لأنظمة دولة ساحلية داخل بحرها الإقليمي ودخلت إلى أعالي البحار. وللدول كافة حرية الملاحة والتحليق ووضع الكابلات وخطوط الأنابيب وإقامة الجزر الصناعية وصيد السمك والبحث العلمي ولكن تخضع السفن المارة في مناطق أعالي البحار لقانون دولة العلم لأنه في حالة وقوع متصادمة أو حادثة ملاحية أخرى وتأديبية لربان السفينة أواي شخص يعمل في خدمتها تقام الدعوى أمام السلطات القضائية أو الإدارية لدولة العلم.
المنطقة الدولية: تختزن المحيطات والبحار في قاعها وتربتها ثروات ومعادن بفضل التقدم العلمي والبحوث التي أثبتت وجود تلك الثروات وتنافست الدول بهدف استغلال هذه الثروات. فتم وضع تنظيم يكفل استغلال هذه الثروات لصالح الإنسانية بالطريقة التي تتفق واعتبار منطقة أعالي البحار حقا مشتركا لجميع دول العالم دون أن يسمح للدول ذات الإمكانيات الكبيرة والنفوذ أن تنفرد باستغلال هذه الثروات لصالحها وحدها. لذلك وضع تنظيم قانوني لمنطقة قيعان البحار والمحيطات والتي سميت فيما بعد بالمنطقة الدولية وصدرت قواعد تحقق ذلك حيث اعتبر ما يوجد في قيعان البحار والمحيطات إرثا مشتركا للإنسانية جمعاء وعدم تملك الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لهذه المنطقة وعدم جواز السيادة عليها .
تسوية منازعات قانون البحار: تسوية المنازعات بالطرق السلمية هو من المبادئ الأساسية في القانون الدولي العام والمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على وجوب فض المنازعات بالطرق السلمية على وجه لا يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر. ولذا فالوسائل السلمية التي يتسنى من خلالها فض النزاعات بالطرق السلمية متعددة (التحكيم – التسوية القضائية – المفاوضات –المساعي الحميدة – الوساطة – التوفيق والتحقيق والتسوية في اطار الأمم المتحدة ) وترك للدول في حالة نشوء نزاعات بينها سلطاتها التقديرية في اللجوء لأي من تلك الوسائل لحل النزاعات . واصبح اللجوء للتحكيم من المسائل المألوفة لحل النزاعات .والعالم بصدد إنشاء محكمة قانون البحار باختصاص قضائي صرف حيث اقتصر دور إعطاء الفتاوى القانونية والآراء الاستشارية إلى غرفة منازعات قاع البحار. وحق طلب الاستشارة أو الآراء محصور فقط للمجلس أو الجمعية المشار إليهما في اتفاقية قانون البحار ولا يحق للدول تقديم طلبات استشارة. وتتكون محكمة قانون البحار من (21) عضوا يجرى انتخابهم من بين أشخاص يتمتعون بأوسع شهرة في الإنصاف والنزاهة ومشهود لهم بالكفاءة في مجال قانون البحار مع الأخذ في الاعتبار تمثيل المجموعات الجغرافية في العالم .وموقع مبنى المحكمة المقترح في مدينة هامبورج الألمانية وتختص المحكمة بالنظر في جميع المنازعات وجميع الطلبات المحالة إليها وفقا لاتفاقية قانون البحار ويكون اختصاصها نظر المنازعات المتعلقة بتطبيق أو تفسير اتفاقية قانون البحار ..بعد سيطرة الحيثيين على العديد من المواقع الحساسة والمهمة في اليمن خرج بعض المحللين يؤكدون أن ايران استطاعت أن تسيطر على مضيق باب المندب، وانها قادرة على إغلاقه أمام حركة الملاحة العالمية وانها ستهدد بشكل كبير الأمن القومي المصري، وبالفعل هذا التحليل غير دقيق بالمرة وبعيد كل البعد عن الواقع والحقيقة، فالمضائق المائية يحكمها القانون البحري الدولي ولا يمكن لدولة أيا كانت قوتها أو نفوذها أن تغلق أي مضيق أمام حركة الملاحة العالمية. ويعتقد البعض أن مصر في حرب أكتوبر 73 أغلقت الملاحة في مضيق باب المندب وهو الأمر غير الصحيح، فمصر كان من حقها وفقا لقانون حق الزيارة والتفتيش البحري أن تقوم بتفتيش ومنع دخول سفن قد تمد إسرائيل بأسلحة وذخيرة وقت الحرب، وذلك في المياه الإقليمية والاقتصادية والدولية، فمصر منعت مرور السفن الداعمة لإسرائيل فقط لا غير، ولكنها لم توقف الملاحة في المضيق.
وحق الزيارة والتفتيش يتم على جميع السفن، حربية كانت أم مدنية ومن حق الدولة التي تنفذ هذا القانون أن تقوم بإرسال إشارات للسفن للتأكد من أنها لا تحمل أسلحة أو أدوات تضر بالموقف العسكري أو الأمن القومي لها، وتقوم مجموعة من أفراد البحرية بالصعود إلى السفن وتفتيشها، ومنعها من المرور إذا ارتات القوات ذلك، أما اذا كانت لا تحمل ما يضر فيسمح لها بالمرور.
أما بالنسبة للحوثيين فما هي الأسباب التي سيقومون بسببها بتنفيذ حق الزيارة والتفتيش، لاهم مرر ملاحي عالمي، مع العلم أن في تلك المنطقة توجد عناصر من قوات حلف الناتو، لتامين حركة الملاحة العالمية وحماية السفن من عمليات القرصنة التي كانت تنفذها عناصر صومالية مسلحة.
إن القانون البحري لا يمكن أن يسمح بمثل ما يتم تفسيره، ويجب قبل التفسير علينا أن نعود إلى القوانين حتى لا يتم بث حالات من الذعر أواختلاط الأوراق في الوقت الحالي. بناء على ما سبق فان منطقة باب المندب تتسم بالانكشاف الأمني لان النظم السياسية القائمة على ضفتي هذا الممر العالمي لا تستطيع أن تضمن للاستراتيجيين الأمريكيين السيطرة مائة في المائة على أقاليمها السياسية وذلك لان التنظيمات القبلية والعشائرية لاعب أساسي بجانب الدولة واحيانا معاد لها وهذه القبائل والعشائر يمكن أن تكون مظلة إخفاء وتمويه وتأييد للنشاط المعادي للولايات المتحدة ويكفى في هذا الصدد الإشارة إلى أن اليمن هو مسقط راس أسامة بن لادن والعديد من القبائل اليمنية هم أبناء عمومته وفى الحقيقة أن نفوذ الدولة من اليسير فهمه وتحليله ومن ثم التعامل مع أطرافه سواء بالترغيب أوالترهيب أوالاثنين معا ووجه البساطة في تحليل نفوذ الدولة انه قائم على مؤسسات هرمية واضحة المعالم وأساسه أن يتبع المرؤوس رئيسه أما نفوذ القبائل والعشائر فليس بهذه البساطة لأنه ليس هرميا بل أشبه ما يكون بمجموعة من الشبكات العنقودية المتباعدة وكل ما بالإمكان تحديده هو مد خطوط متواصلة بين الشبكات التي تحتفظ بعلاقات تعاونية ومد خطوط متقطعة بين الشبكات التي تتسم علاقاتها بانها صراعية كما ان شيخ العشيرة قد لا يتبع بالضرورة شيخ القبيلة الذي يتجاوزه نفوذا إذن فهذه المناطق البدائية على ضفاف باب المندب (معبر البترول العالمي) لا تجدي فيها كثيرا أناقة الدبلوماسية لان الحقائق على الأرض شديدة الفجاجة واذا ما حاولنا تحليل مصادر التهديد في منطقة باب المندب
د. عادل عامر
مضيق باب المندب يتبع قانون الملاحة العالمية ولا يجوز لأحد أن يغلقه أو يعطل الملاحة فيه 6141