لم تجرؤ الولايات المتحدة الأمريكية على الإقدام على غزو اليمن عقب تكبُّدها خسائر فادحة في أفغانستان والعراق و أعلنت اليمن ثالث دولة مصدِّرة للإرهاب
وبعد دراسات قام بها خبراء أجانب عن طبيعة اليمن وقساوة تضاريسها وشراسة شعبها المقاتل الذي يمتلك أكثر من ستين مليون قطعة سلاح يستخدمها بمهارة دون أن يخطئ الهدف عند القتال إذا واجه عدواً غازياً فعملت على إيجاد خطة قتالية تجنبهم المزيد من الخسائر خصوصا إثر الانتفاضات الشعبية في مختلف مدن أمريكا ضد سياسة بوش الابن بسبب ما خسرته بلادهم مالياً وعسكرياً جراء الحرب التي شنَّتها في الشرق الأوسط ضد ما بررت له إدارته بالحرب على الإرهاب .. لذلك لم تجد بُداً من أن تخلق ( فوضى خلاقة كما وصفتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوند ليزا رايس ) في اليمن وبعض دول المنطقة يتم من خلالها إيجاد صراع داخل هذه الدول لتجنب أي هجمات قد تتعرض لها مصالحهم من قبل متطرفين يمنيين أو عرب كما أسموهم آن ذاك ، فتم تغذية بعض القوى التقليدية مناطقياً وطائفياً وإقناع أتباعها بأفكارٍ تعادي من يخالفهم حتى أصبح أتباع كل جماعة يعتقد أن أتباع القوى الأخرى أشد عداوةً له من أمريكا
وإسرائيل التي يُجمع كل المتصارعين في اليمن على عدائهم لهاتين الدولتين مع قناعتهم المطلقة بأنه يجب القضاء على العدو الداخلي قبل الخارجي أي ( أمريكا وإسرائيل ) كون من يخالفهم من أبناء جلدتهم عميلاً آو تابعاً صنعته مخابرات عالمية لمواجهتهم .. فتحوَّل من يطلقون على أنفسهم "مجاهدي اليمن" من مناضلين ضد هيمنة الغرب وتسلُّط اليهود على المسلمين حد تعبيرهم إلى منفذي مشاريع وأجندة لا تخدم سوى أعداء الوطن بعلم منهم أو بدون علم فما كان مفترض على أمريكا أن تقوم به حسب تصريحات رئيسها عقب غزو بغداد أن اليمن ستكون المحطة القادمة في القضاء على الإرهاب عسكرياً حصل الآن ولكن بصراع داخلي قضى على كل أمل في نهوض الوطن وبناء الدولة ..
وبما أنه تم تدمير الدولة اليمنية اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً وبدون أن تخسر الولايات المتحدة دولارا أو يصاب لها جندي في معركة, فهذا انجاز يجعلها تقف موقف المتفرج المتبلد اللا حيادي ، وما يضيرها أصلا أن يهلك شعب اليمن أو تدمر دولته ويصبح أشبه بغابة يأكل القوي فيها الضعيف مادامت مصالحها بعيدة كل البعد عمَّا يحدث وأن ما يدور من قتلٍ ودمار هنا
وهناك ليس إلا في شعب ودولة يعتبرهما سوق خصبة لبيع منتجاتهم الحربية والعسكرية أيضاً, فهم الرابحون في كل الحالات من القتال الدائر والمستمر وبالتالي فإن من يتقاتلون ويتناحرون ويقضون على ما تبقَّى من معالم الدولة لأجل مشاريع طائفية أو عرقية سلالية أو مناطقية لا يعملون إلا من أجل تحقيق أهداف دولية لا تمس بمصالح الوطن في شيء وقد يكونون على علم بهذا أو بِحُسن نية لكن النتائج تدمير البلاد ليحدث ما حدث في أفغانستان والعراق مع فارق الخسارة الأمريكية في تلك البلدان .. فمتى تعقل وتعترف مراكز القوى بما اقترفته أيديهم من جُرم في حق الوطن والمواطن ويعملون على بث ثقافة التسامح والمحبة فيما بين أطياف الشعب الواحد ومكوناته المختلفة ويبنون وطناً ودولة يحكمها القانون .. أم أنهم سيستمرون في كيل التُّهم فيما بينهم واستخدام القوة لإسكات الآخر وتغييبه والتي لن تجدي في ما يؤملون إليه بقدر ما ستدمر الوطن الذي يظنون ويبشرون أتباعهم أنهم لحاضره يبنون ولمستقبله يشيدون .. !!
يحيى حمران
غزو الوطن بقوى الداخل .. 1669