يمكننا القول إن الحوثي يجيد ــ وبلا منازع ــ صناعة الإرهاب وتغذيته, وإظهاره , بطريقة أكثر جمالاً؛ فبدايةً بدماج ودخول الحوثي مع طلاب " دار الحديث" في حرب أجبرتهم على التسلُّح للدفاع عن أنفسهم , وبحرب الحوثي هذه صنع منهم ميليشيا مدرَّبة سيكون لها مردود سلبي على الحوثي نفسه في المستقبل وستظل بمثابة قنابل موقوتة مؤهلة للانفجار في أي لحظة؛ كونهم رحلوا وهو يحملون حزازةً تجاه الجماعة التي قهرتهم ورحلتهم من بلدتهم, وهذا سيغذِّي دوافع الثأر من الحوثي في أي زمان ومكان, ومروراً بعمران والعصيمات وهمدان وحجة والجوف وصولاً الى احتلالهم صنعاء مع ما رافق ذلك من احتقان شعبي سيكون له ما بعده, و يا ليت الحوثي تفهَّم القصة وتوقَّف في صنعاء ؛لكنه راح يتمدد في مناطق الحاضنة السنية الشافعية ؛مثيراً بذلك مشاعر عدائية مهولة ؛كون الحوثي يتمدد باسم الحرب على الارهاب, مما يعني ضمنياً "تدعيش" كل من يقف ضده بصرف النظر عن انتمائه السياسي, ومن هنا كانت القاعدة على موعد سمين مع حاضنة شعبية تنتظر من يوقف المد الهمجي المهين لكرامة الإنسان؛ وبالرغم من مشهودية الجميع لأبناء المناطق الوسطي بأنهم على درجة عالية من الثقافة, ونبذ العنف , إلا أنهم في هذه الحالة بدؤوا بمراجعة خيار السلمية (الغير مجدي من وجهة نظرهم) وبالتالي اضطرارهم إلى الالتفاف مع اي قوة تجابه زحف "حشود الخراب" ولو كانت القاعدة, و يمكن تفسير الاندفاع الحوثي الطائش واستدعائه الإرهاب وإحكام السيطرة على مؤسسات الدولة ,كل هذا من أجل أن يسجل الحوثي انتصارات بطولية ترعب الآخرين وتدفعهم إلى الاستسلام ؛ لكن الحوثي بتصوُّره هذا واهمٌ ويثبت قُصر نظرته وسيطرة نشوة الانتصارات وغرور القوة على أعين الجماعة التي ترى أن من حقها ممارسة الوصاية على مستقبل البلد ,وأن بمقدورها تركيع مجتمع الثورة وفرض رؤيتها السياسية بالقوة ,وإذا ما تخيلنا قدرة الحوثي على الهيمنة على كل شيء ؛فإن هذا يخدم القاعدة التي ستحقق قفزات كبيرة وستتطور عملياتها ,خصوصاً أنها وجدت مبرراً كافياً وحاضنة شعبية واسعة وبالضرورة جهات داعمة ومن هنا يبدأ مسلسل الصراع المفتوح مع القاعدة , وما يحدث في رداع مثالٌ حي سيتطور يوماً بعد آخر , ويبدوا ما هو حاصل ردة فعل طبيعية وموضوعية ,لقيام ميليشيا يتوجس منها الجميع بدور الدولة وتعطيلها لكل مؤسساته وتجيير كل مقدرات الشعب لصالحها والتبجح بمواقفها المتعنتة فكيف تتوقع من مجتمع يُكِن العداء لجماعة أن يدعمها في حربها العبثية ضد الإرهاب الذي ,تغذِّيه يومياً عبر استفزازها للجماهير واستقوائها بسلاح الشعب لإرهاب كل من يبدي تمنُّعاً عن الذوبان مع مشروعها غير المشروع وفكرها غير المستساغ؟!, ألا يبدو من المستحيل أن يدعم الشعب من يدَّعي محاربة الارهاب وفي الوقت ذاته يغذِّي أسبابه يوماً بعد آخر؟! .في اعتقادي أن الشعب لم يعد جاهلاً ؛لتتلاعب به جماعة لا حظَّ لها من العلم والثقافة, وإذا ما جانبت الصواب في يقيني هذا فسأُهنِّئ الحوثي ببلادة تلك الجماهير التي خرجت من "قمقم" السلطة والخوف يوم أن هتفت بإسقاط نظام كان له من القوة ما يفوق الحوثي بكثير... لا أظن الجماهير النيرة ستركع وإن طال صمتها فتلك حكمة على الحوثي ألاَّ يُسئ فهمها.
محمد المياحي
يُجيد صناعة الإرهاب...!! 1745