برزت حاجة ثورة فبراير الملحة لتحرر من الجهل وتفكيك بنية التخلف والاستبداد، وإذا بتحالف الاستبداد والجهل والتخلف ينقض على هذا الطموح، ولازلنا في صراع مع هذا الإخطبوط، ها هو يتشبث بجغرافيا ويغرز مخالبه فيها ليثبت كيانه العفن، بمؤسسات شكلية تؤسس لبقائه متربعا، لجنة ثورية ثم مجلس سياسي، تمعن جيدا من يترأسها، كهنوت وجهل وتخلف،استمعت لمحاضرة مسجلة (لصالح الصماد) المتقمص دور الرئيس، يردد مقولة سيده حسين أنهم منافقون في الأرض لا تصدقونهم حتى وإن تصدروا الجهاد لأجل العروبة وفتحوا الحصار عن فلسطين، ويستدل بالقرآن، أمام جمع غفير يُشحن بالحقد والكراهية ضد مكون سياسي وطوائف اجتماعية ومواطنين يمنيين، وجغرافيا والنتيجة حرب وصراع يتجاوز حدود الأخلاق والقيم والوطنية.
من حق أي مواطن أن يطمح أن يكون رئيساً، هل هو مؤهل ليدير شؤون بلد عظيم كاليمن؟، يستوعب قناعات وأفكار الآخرين، لكن أن يفرض طرف ذاته دون شرعية، غير شرعية الفوضى والحشد المناطقي الطائفي، من هو الصماد؟ لا يحمل شهادات علمية ولا خبرات تراكمية غير أنه كهنوت و مقاتل مليشاوي يجيد مهارة العصابات ودرس العلوم الدينية على يد المرجعيات الزيدية مثل العالمين مجد الدين المؤيدي الذي كان مقيماً في منطقتهم، و بدرالدين الحوثي سيد الطائفة (أي معلامة أو كتاتيب)، أي إنه عقائدي طائفي في فكرة وعلمه وثقافته، تصور بهذه العقلية و الفكر كيف سيدير شئون وطن ومواطنين يطمحون للدولة الحديثة الضامنة للحريات والعدالة، يأملون أن يواكبوا تطورات العصر والنهوض ليلحقوا ممن سبقهم من الأمم، لا يعقل أن يكون رئيساً تحتم عليه ثقافته الطائفي أن يعتبر أغلبية هذا الشعب منافقاً ومرتزقاً، كارثة حلت بنا في القرن الواحد والعشرين، وتذكرت المرحوم عبد الكريم الارياني حينا قال (إن من غضب الله عليه أطال في عمره حتى يحاور صالح الصماد) يحاوره على وطن وحاضره ومستقبله، كارثة سببها مليشيات تركها صالح تنبت ورعاها ثم ساندها لتغتصب وطن من شعب يمني عريق وأمة صاحبة حضارة، لتكتشف بعد 55 عاماً من ثورتها ضد الإمامة والكهنوت أن الإمامة عادت وبقوة وأن عفاش أحد أعمدتها، وأن الجمهورية والثورة والميثاق الوطني شعارات زائفة يرددها في الإعلام لا يؤمن بها قط.
اليمن عصية عنيدة وعتيدة رجالها أوفياء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وشعب يمني بطل قاتل العنصرية والعرقية والطائفية، وسوف يقاتلها حتى يتحقق اليمن الجديد الضامن للحرية والعدالة والمساواة، لن تعود عجلة التاريخ للخلف إنه المستحيل والمحال، أيّها الناس اسمعوا وعُوا، فإذا وعيتُم فانتفعوا، إن ما فات قد فات ولا رجعة له وما هو آت آت بصورة نرسمها بأيدينا ونخطها بأفكارنا وثقافتنا لنحقق حلمنا وطموحنا، ونتصدى لكل ما يعيقنا.
أحمد ناصر حميدان
الرئيس والكهنوت 1295