واقعنا اليوم تنهار فيه أحلامنا، تكاد أن تموت طموحاتنا وآمالنا، هل فشلنا في تجاوز الماضي ومقاومة الظروف التي صنعها ولازال يصنعها أمام مستقبلنا والتحول والتغيير، هفت بريق ثورتنا، ولمع بريق الماضي وأدواته، هل يمكن القول إنه انقض عليها؟.
يبدو أن البعض لم يكن في مستوى التحديات، كان صغيراً لم ينضج بعد لمستوى الطموحات والآمال العظيمة، لمستوى المشروع الوطني والإنساني، كان صغيراً يبحث عن صغائر الأمور وينقب عن تفاهتها في سجلات الماضي كان سجيناً لأفكار شيطانية وبأغلال الماضي أيضاً، فكان سهل الانجرار خلف دعواتهم، إشاعاتهم، مبرراتهم، وبسهولة تم السيطرة عليه هو اليوم في صفهم وخندقهم، ضد مستقبله وحلمه وطموحة.
في المقابل لم نستوعب فكرة "أن من كان جزءاً من المشكلة لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل"، ولهذا نحن نفتح مجال للماضي للولوج في صياغة حاضرنا ومستقبلنا، وبدلاً من الحل نظل قابعين في المشكلة تفاقمها تشعبها استنساخها وإذا نحن في ورطة، فنفقد روح المبادرة والنشاط، ليكون الماضي هو النشط والمبادر في إنتاج مزيد من المشاكل والمعوقات.
لمعان بريق الباطل هو مؤشر لرداءة الواقع من نفاق ودجل، الوضع السوي والصحي تعلو فيه كلمة الحق تسمو فيه الحقائق ويلمع بريق الثورة كفكرة وحق، بالمقارنة بما كنا فيه من حوار وطني صريح وصادق، وبين ما نحن فيه من حرب وموت وخراب ودمار، من السهل خداع البسطاء الغير محصنين بالعلم والمعرفة والتفكير الحر والعقلاني، وفي اليمن كان سهلاً لهم خداع المثقفين واللبراليين والأكاديميين، أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة الاجتماعية والسياسية والثقافية في التغيير والتحول المنشود، وإذا بهم في حضن المستبد والكهنوت والماضي اللعين.
البعض يرد بكل سهولة ليقول إنه العدوان الخارجي الذي يتطلب اصطفاف داخلي، بينما قليل من التفكير المنطقي بحياد سيعرف الحقيقة، وكل من درس العلوم يعرف جيداً أن العلوم الطبيعية مبنية على قوانين الطبيعة، هي نظريات وحقائق، من دراستنا في الرياضيات والفيزياء عن مبادئ الحركة وتأثير القوة، أن لكل فعل ردة فعل، وإذا تحرك الجسم فهذا يعني أن القوة المؤثرة عليه، حتماً أكبر من ردة فعله (أي مقاومته)، أن شدة الفعل تؤدي لشدة ردة الفعل.. قانون نيوتن
لنحاول تطويع مبادئ الفيزياء على الواقع الحالي في قضيتنا، أن ما نراه اليوم هي زوبعة لحركة سلبية أنتجت ردود أفعال طبيعية للتصدي لها لحماية الذات والوطن، البعض يقدم فعل دون أن يدرك ردة هذا الفعل، ويوجه اللوم على ردة الفعل دون الفعل الحقيقي، كلما كان الفعل غير محسوب العواقب وغير مبرمج على أسس وطنية وإنسانية لتحفظ سيادة الوطن، وإمكانيات وقدرات التصدي لصداه ردة فعله، فإن العواقب وخيمة، واللوم على الفعل قبل ردة الفعل.
لا يمكن أن تقنعني أن سيداً كهنوتي أو زعيم سلالي مجرب وفاشل، يحملان مشروع دولة المواطنة، هما سبب ما نحن فيه ومنتجي كل زبالاتنا، هم من أنعش في جسد المجتمع الطائفية والمناطقية وغدائهما، جذب بعنفهم كل شياطين الموت والإرهاب، وإذا بنا في وضع لا نحسد عليه، وهما يراهنان على صمود الفئة المطحونة بحربهم، بينما نعمة الثراء بدأت واضحة في وجههم وأجسادهم المثخنة بالحرام والجرم والفساد.
مبادرة كيري والاجتماع الرباعي وغياب أصحاب الأرض والحق، يراد لنا أن نقبل تسوية تستوعب كل قاذورات الوطن مجرمي الحروب ومنتهكي الكرامة، يراد أن نبني وطن ونتقاسمه مع هولا وهم جزءا من المشكلة ولا يمكن أن يكونوا جزءا من الحل بل هم جوهر المشكلة، لك الله يا وطني.
أحمد ناصر حميدان
جوهر المشكلة والتسوية 1418