الثورة فعل مستمر لم يمت من وجدان اليمنيين، وإن انخفض مستوى الحماس في فترة فلازال ينبض فيهم برغبة جامحة للتغيير، مجتمع وعى وتشكل بناؤه الذاتي بروح جديدة يرفض الماضي الجاثم على الحاضر ليعيق المستقبل، يطمح لتجاوز ماسية،هناك مخاض يعتقد أعداء الثورة أنهم انتصروا، ولكن المخاض قائم والكفة اليوم تحيد لصالح التغيير والتحول الاجتماعي، حيث أنها طوال عملية التجدد تتقلب وسط أوجاع مخاض مرهقة، وتقاسي كروباً مضنية، وتكابد آلاماً متتالية لكي تطرح عنها عناصر بآلية مضرة، لتستبدل بعناصر جديدة نافعة، وبسبب الأحداث التي تثير حالة التوتر لدى الجماهير، لا مناص من الوقوع في براثن الأزمات، وكل يوم تكتسب قدرة على التمييز فتصحو من الغفوة، لتكتشف المؤامرات الدنيئة التي تحاك ضدها، إنه مجتمع حي يمرض لكنه لن يموت، يتعافى وسينهض ويتجاوز ماسية.
كم هائل من المؤامرات، والمجازر وكم هائل من الضحايا، غاب فيها العدل، والتحقيق الشفاف المنصف، جرائم قيدت ضد مجهول واستطاع الجناة الإفلات من الحساب والعقاب، جرائم تستثمر كمبرر لمزيد من الجرائم والحروب، تستثمر للحشد ضد ومع، وآخرها جريمة الصالة الكبرى لعزاء آل الرويشان، جريمة دنيئة يراد لها أن تكون مبررا لاستمرار حرب عبثية، لمزيد من القتل والموت والدمار ليعيش أمراء الحروب وعصابات الموت جاثمين على الوطن ومقدراته وناهبين ثروته، وإذا بها تجري في عكس ما خطط لها، لتزيد من وعي الجماهير والقبائل، وتأتي نتائجها لصالح العام.
بيان آل الرويشان وقبائل خولان ومنشورات وتصريحات ذوي الضحايا كأبناء الشهيد عبد القادر هلال يدل على مستوى تطور وعي هذه الجماعات التي تأبى أن تكون وسيلة رخيصة للاستخدام كأداة قتل وحقد وكراهية، وجنود تحت الطلب،بمؤثرات قذرة، بيان رصين وراقي وذو معنى وطني وإنساني واعي، وغيرة على الوطن والشعب اليمني العظيم، أرادوا العدل والتحقيق العادل، أرادوا للقانون والنظام أن يأخذ مجراه والعدالة أن ترسى ولو على رقابهم، طالبوا الجميع الرجوح للعقل والمنطق، في اتخاذ قرار مبني على أسس وبراهين، وهذا ما يريده كل عاقل ومتزن وصادق و وطني.
من يرفض التحقيق العادل والشفاف هو مرتكب هذه الجريمة، من يسعى لعرقلة هذا التحقيق والعبث بمسرح الجريمة هو المجرم الحقيقي المرتكب لجريمة الصالة الكبرى، خطابهم كان من مرجعياتهم الدينية أو من المخلوع، هو حشد وتحريض، لم نسمع منهم مطالبة بتحقيق عادل وشفاف، المعنى في ما يعلنونه، الشعب اليوم وعى وأدرك، المؤامرة الحقيقة التي تحاك ضده من الداخل، بالانقلاب على مخرجات الحوار وزج بالوطن في حرب عبثية تخدم قوى العنف والنفوس المريضة أثرياء اليوم من معانات البسطاء والفقراء الذين يموتون جوعا وعطشا ومرضا في كثيرا من مناطق الوطن.
إنهم في الرمق الأخير، ومكشوفين عراة مفضوحين، لا تنطلي مؤامراتهم وخططهم الجهنمية للحشد لحرب تشبع نهمهم في القتل والتدمير وترضي قناعاتهم المريضة، فمستوى الوعي تغير وقل عدد القطيع الذي ينجر خلف وهم وأكاذيب وإشاعات، الناس تبحث عن الحقيقة، وإجابات عن أسئلة في خاطرهم من سنيين، لم تعد تثق بقوى الماضي، وزعماء الوهم والمستبدين والطغاة والمقيدين للحريات وقوى العنف والسلاح لفرض أمر واقع ترفضه الناس، ها هم اليوم فقدوا القدرة على السيطرة، الشعب ثائر يصرخ في وجوههم ويطالبهم بما لا يستطيعون تقديمه الدولة العادلة والضامنة للحريات، واليوم نطالبهم جميعاً أوقفوا الحرب كفى عبثاً بالوطن ومقدراته والمواطن وكرامته.
أحمد ناصر حميدان
مع التحقيق وضد العبث بمسرح الجريمة 1402