عاش اليمنيون، وما زالوا يعيشون حتى اليوم ظروفا استثنائية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!
غير أن هذه الظروف الاستثنائية، وجدت جيلاً استثنائياً أيضاً، وبكل ما تعنيه مقاييس الاستثناء، وذلك فضل من الله (وكان فضل الله عليك عظيما).
أن تتحول دولة في ليلة وضحاها، وبكل قدراتها العسكرية والمالية والأمنية والإعلامية.. وكل مقومات الدولة بيد عصابة مليشاوية، فذلك أمر غير مسبوق.. أن تقوم عصابة تحالفت مع عصابة أخرى بنهب دولة؛ أمر من ضروب الخيال.
لم يقتصر الأمر عند اختلاس جزء من معسكر، و لا معسكرا أو اثنين في مناطق نائية؛ ولكن نهبت المعسكرات بكاملها، وأول ما نهب منها ما كان في قلب العاصمة.. وما كان ذلك ليحدث لو كان للجيش قادة، أو رجالا يقودونه، لكنهم كانوا أشبه بأشياء تتحرك؛ أكثر من كونهم رجالاً فضلاً عن قادة؛ ولذلك نهبت (رتب) كبيرة، كما نهبت أحذية وأردية سواء بسواء!
لا أعمم هنا على كل القادة والقيادات، فهناك رجال وقادة صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وإنما أتحدث هنا عن رتب كبيرة وضباط كبار، نهبوا وسيقوا كقطعان لا تفقه ولا تدري إلى أي مكان تساق.
وتساقطت رتب، كما تساقط ضباط أثقلت النجوم والنياشين أكتافهم وصدورهم، ورحت تتأمل عسى أن يثوروا أو يرفضوا، و لكن هيهات:
إني لأغمض عيني ثم أفتحها
على كثير ولكن لا أرى أحداً
لقد تساقطوا كأوراق الخريف! إلا من رحم الله منهم فقد كانوا من ضمن ذلك الجيل الاستثنائي، الذين عرفتهم الجبهات والمواجهات، في كل المحافظات من المدنيين والعسكريين والأمنيين.
جيل واجه مقدرات دولة غدت في يد عصابات مسلحة؛ تمتلك العتاد والمال والمعسكرات، ودعم المشاريع التوسعية والاستعمارية في آن واحد.
لا نغفل ونحن نتحدث عن بطولات الجيل الاستثنائي، دور ودعم التحالف العربي الذي لا يتجاهل أحد دوره التاريخي المتميز، لكن المقال هنا عن الجيل الاستثنائي الذي برز في كل المواقع والمجالات؛ من المقاتل في جبهات القتال، إلى المقاتل بعدسة التصوير، إلى تغطية المراسل والصحفي، إلى الأداء الطبي في المواقع والمستشفيات، إلى الخطيب في المسجد، والناشطين والسياسيين والحقوقيين، إلى ربة البيت.. وكل قطاعات المجتمع بلا استثناء.
إنه الجيل الاستثنائي، أمام ظروف استثنائية، سيمضي -بإذن الله- بروح استثنائية يقوم بواجبه، ويؤدي دوره، حتى يتحقق النصر المنشود الذي بات فجره قريبا بفضل الله.