من لم يعرف الخيارات الإستراتيجية للحوثيين فعليه أن يعرف أن خطابات سيدهم هي إحدى هذه الخيارات فمابين كل خطاب و خطاب هناك خطاب وفي ثنايا هذا الخطاب هناك شيء واحد وخلاصة واحدة يخرج بها المستمع العاقل وهي (الكذب والتضليل).. من يتذكر خطاباته ويؤرشفها ويستعرضها سيجد أنه خطب عن التكفيريين والإرهابيين والأجانب في دماج وكان ذلك مبررا لأول تهجير قسري أعقبه اقتحام وتفجير لمنازل الأبرياء هناك غير أن هذا الخطاب أصبح تصريحاً مباشراً لتهجير وتفجير كل من يخالف نهج الحوثيين فانطلق الحوثيون يفجّرون ويهجرون حتى وصلوا صنعاء وهناك خطب الحوثي بأننا لا نريد اقتحام صنعاء وأن المسألة مسألة جرعة ظالمة غير أن هذا الخطاب كان صرخة نارية مستعجلة لاقتحام صنعاء وإسقاط الجمهورية ونهب الدولة، ولما طاب للحوثيين المقام بصنعاء والاستمتاع بغرف نوم الإصلاحيين والتقاط الصور في مكاتب الوزراء والقادة العسكريين بدأت الزحوف الحوثية تتجه جنوبا وحينها أرسل سيد الحوثيين خطابه أنه لا يريد دخول الجنوب ولا عدن وما هي إلا ساعات من خطابه والتي كانت إشارة واضحة لاكتساح الجنوب ودخول عدن والعبث فيها وجعلها ساحة للحرب والقتل والتهجير والتفجير.
خطابات عبدالملك كثيرة وقد أصبحت حالة مرضية لمن أراد التشبث بكرسي الحكم في صنعاء وخلوده عليه غير أن خطابات الحوثي تتسم بأن لها مناسبات عديدة ليست وطنية بالطبع وإنما مناسبات حشرها حشراً في الزيدية وأراد أن يؤصل لها تأصيلاً شرعياً (قَرآنيا) وبأيدي خبراء إيرانيين .
لم يتحدث عبدالملك في خطابه الأخير عن فتوحاته في بلاد ما وراء حرض وعلب وهل دانت له نجران وأخواتها وهل حج هذه السنة اليمنيون بأسلحتهم وقَبلوا الركن اليماني وصرخوا عند الحجر الأسود، لم يخبرنا عبدالملك كم نسبة عائدات اليمن من مشروعه تصدير أحجار الزينة، لم يتحدث عن سيطرته المطلقة للمحافظات الجنوبية وحرمانه للرئيس هادي من الرجوع إليها، لم يتحفنا كيف استطاع بحنكته أن يقنع المحيط الإقليمي والدولي الاعتراف به وبجماعته ومجلسه السياسي وحكومته الإنقاذية، لم يُفرح قلوبنا بعرض انتصاراته في أميركا وإسرائيل ويعلن بالصوت والصورة والحضور الإعلامي المحايد لتصويره وهو يُطعم الأسرى الإسرائيليين والأميركيين ويقايضهم بأسرى في جوانتانامو وسجون إسرائيل.. لم ولم ولم والكثير لم يخبرنا بها في خطاباته.
في كل خطاب للحوثي ليس هناك إلا غاية واحدة وهي إصراره على أن له الحكم و الخلود والبقاء وعلى الأمة أن تتوجه لتحقيق ذلك بهلاكها والفناء.