فبراير ثورة وجدت لتنتصر، ثورة تقاوم وتتحدى، ثورة تسير بخطى ثابتة لتغير الواقع الذي فرضها، لم تأت من فراغ، أتت من الدموع وانصباب الألم من الوجع وجراحات ذلك الواقع المريض، أتت لتلقن الدروس والعبر لكل ثعابين الاستبداد والفساد وما هو أخطر من الزور والبهتان، من النظرة الفوقية والعرق المتسيد، من وهم الحق الإلهي لحكم الناس.
فقد الفطنة كل من يقول إن فبراير ماتت أو نهبت واحتويت، كل ذلك هراء، مخاضها قائم وتفرض واقع التغيير، تكشف أقنعة الزيف، تشق طريقها وتفرض واقعها، فككت أواصلهم ودمرت أركانهم، فرضت على الاستبداد والفساد أن يجلس على مقعد حوار يستمع لضحاياه وهم يحكون حكايات ألم وقهر وعذاب من سياساته التسلطية وعنجهيته، ثورة خطت لنا مسار التغيير والتحول المنشود، ثورة مستمرة حتى تحقق أهدافها، ثورة الشعب بكل أطيافه، لا تحتمي بطائفة ولا تركن على سلالة ومركز، بل ترفض تلك المشاريع الهدامة والعنصرية، نقاؤها جمعهم في سلة واحدة ليتحالفوا معاً ضد هذا النقاء الذي يهدد مشاريعهم الفاسدة والنتنة.
ثورة موجودة في الساحة تقاوم كل أشكال المشاريع الصغيرة والمصالح الضيقة والأنانية والتطرف والطوائف العابرة للوطن، ثورة في الجبهات تتصدى لعدوان أراد أن يقتلها، وفي المناطق المحرر تقاوم جماعات أرادت أن تحتويها وتسلبها من قيمها ومبادئها، ومقاولات أرادت أن تمتطيها وتستثمرها، ثورة تنبض حياة وكل يوم يمر تكون اشد باس وقوة.
ثورة لاح نورها في الأفق، وارتفع صوت الحق ورفعت من شأن القوى الجديدة الطاهرة من دنس الماضي الشغوفة بدولة المواطنة والحرية والعدالة، سمعنا صوت الشباب والمرأة والمهمشين والمضطهدين، ثورة حققت الحلم والطموح بدستور كاد أن يكون وثيقة رسمية باستفتاء، دستورا يرفض التسلط والهيمنة والتمايز، الناس فيها سواسية لا سيد ولا مسود ولا زعيم ولا مزعوم، كلنا تحت طائلة القانون للعقاب والثواب والإرادة العليا للشعب سيد السلطات.
ثورة تغيير ثقافية وفكرية وتربوية، شعورهم بخطورتها، جمعهم في المؤامرة عليها، كل أصحاب المشاريع الصغيرة، صاروا جميعا كتابا مفتوحاُ يقرأ بوضوح، عرف الشعب من هو الحوثي؟ وما هو مشروعه؟، أما المخلوع فكل يوم تنكشف عوراته محلياً وعالمياً، يا هول الكارثة من هكذا فاسق حكمنا 33 عاما بعصابات الفساد والإجرام، انقلبوا على كل شي، واعتدوا وظلموا بغوا، وجاز الاعتداء عليهم بقوله تعالى في الآية الكريمة في سورة البقرة ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم)...صدق الله العظيم.
ثورة مستمرة وتقاوم، لن تفرط بتضحيات الشهداء والجرحى والمناضلين في الجبهات، مستمرة تنبض حياة ليبقى وطن الكرامة والعزة والشرف، وها هي اليوم تنتصر وتسطر أروع ملاحم البطولة والشموخ، ليبقى الوطن شامخا، ومشروع الدولة الاتحادية دولة المواطنة الحرية والمساواة والعدالة واقع معاش.
الحرب ومشعلوها هم بلاء انهيار وطن ومعاناة مواطن، هم الإرهاب وهم الفساد وهم معاناة المناطق المحررة والغير محررة، والثورة ورجالها في نضال حفيف لوقف هذا الانهيار ولتحقق حلم هذا المواطن البسيط، لتعيد اليمن كدولة وكيان ذي تاريخ وفكر وعقيدة وحضارة لتحفظ الأرض والعرض والإنسان من الانتهاك والعبودية والاستبداد والطغيان.
ثورة مستمرة وستنتصر عاجلاً أم أجلاً، وسترميهم لمزبلة التاريخ والأمم عبر ودروس في ثورات الشعوب والمجتمعات على مر التاريخ.