يورطوننا بحروب قذرة، لتوجد مبررات استمرارهم متسيدين مستبدين، وفي كل مرحلة يرمون الطعم ويصطادون بعض منا، ممن يصدقهم وينجر خلف دعواهم المنمقة بعبارات الخير والطموح والأمل (تطلعات السنيين)، ونكتشف في لحظة الحقيقة المرة، إنه الاستبداد والتخلف والجهل والتعصب برداء آخر، هو ذات الكيان العفن الطائفي أو المناطقي أو السلالي، تنفث منه ذات الروائح والسموم من تكفير واتهام، ومن زعيم لسيد لأمير وقائد همام، وإذا بالسجون تمتلئ بالأخيار والشرفاء، واللصوص والظلمة طلاقاً، فتتوسع المقابر، وتتوحش الناس وتتعفن النفوس ويتمزق النسيج الاجتماعي والوطني، ولا صوت يعلو على صوتهم، ومن يفكر مجرد تفكير بقيم الثورة والحرية والعدالة والمساواة هو عميل للاستكبار أميركا وإسرائيل ومطارد من قبل عزرائيل، هل هي اللعنة الأبدية التي جعلت الداء فينا والاستبداد يستمد استبداده منا.
كل ذلك نصر للذات، تضييق الخناق على الآخرين، فلا ينتصر للقضية وأول ما تضيق ستضيق بهم الحياة، إنه مبدأ أن تعيش سعيداً لفترة وجيزة منتقماً، وسعادة دائمة مسامحاً وقابلاً للآخر والتنوع الفكري والثقافي والعقائدي.
أم النصر للوطن يحتاج للتغيير ويبدأ بالأفكار إزاء الآخرين ورؤاهم وتوجهاتهم، كيفية التعايش معم وقبولهم كطرف شريك دون نقصان متساوين بالحقوق والواجبات، يحكم بينهم نظام وقانون، من يسلك ذلك المسلك يحتاج لوعي وقناعات أصيلة تجرده من الذات والأنانية، سيكتشف حينها كم هو مخطئ عندما تصدمه مستوى تغيير الأشياء والأشخاص والجماعات بدورهم نحوه،و سيكتشف أنه كان مخنوقاً بأفكار تقتله ببط قبل أن تقتل الآخرين، هذا الحلم الذي يجب تحقيقه ولن يتحقق دون أن نستيقظ من نوم عميق و وهم أفقدنا القدرة على التفكير بعقلانية والتمييز بين الحق والباطل أن الباطل كان زهوقاً.
لن تتوقف الحرب وفينا من يهتف خلفهم، وفينا إعلام يروج لأكاذيبهم، ونفرا يحمل صورهم ويهتف بهتافاتهم، الموت لكل من يرفض أن يكون عبداً مطيعاً لسيد أو زعيم أو أمير أو أي ظالم بأي مسمّى كان، وما يتم اليوم هو الظلم بعينه مهما كانت المبررات والتسميات، دم الإنسان أغلى من كل الأوهام وتربع طاغية ليحكم بالطائفة أو السلالة أو البندقية أو المدفعية والقوه الصاروخية، ما لم تكن تلك القوة تحفظ الكرامة والعزة والشرف وحسن الجوار وترسي العدل وتبني وطن الخير لكل أبنائه.
لا أعتقد أننا نحتاج أكثر من عقل نظيف ووعي راقٍ ونفس طيبة وروح نقية وطاهرة من خبائث التعصب والعصبية أن نعرف الحقيقة من مع الوطن والدولة الضامنة للمواطنة ومن يريد أن يستعبدنا ويحكمنا بالحديد والنار لنكون رعية طائعين خانعين مستسلمين للأمر الواقع.
فكل يحاكي ذاته بهدوء ويستدعي عقلة ليفكر بحرية وطلاقة سيعرف، هل هو مخطئ، وكلنا خاطئون وخيرنا الثوابين هم من يعترف بأخطائه ويعتذر والاعتذار من شيم الكبار، من يرفض الاعتذار هو جاهل مريض يعتقد أنه إهانة للذات، فلنكبر لننقذ ما تبقى من وطن، من يريد أن يبقى صغيراً هو حر سيلفظه الزمن ولمزبلة التاريخ أجلاً أم عاجلاً.. فلتختر أن تكون كبيراً بحجم وطن أو صغيراً بحجم صنم..