نحن مختلفين والاختلاف ضرورة، لكننا نحتاج أن نتعلم كيف نختلف، ونستثمر هذا الاختلاف ليكون خير ونعمة، فالتنوع الفكري والثقافي والعقائدي ثروة وإثراء للحياة، البيئة تكون أكثر صحة بتنوعها لبيولوجي والفكري.
فينا من الأنا ألإبليسيه، فينا شياطين المصالح وأشرار الدنيا، جعلوا من اختلافنا مشكلة، واستثمروا تلك المشكلة، تاجروا بها وتجارتهم راجت لدى البعض، ومارسوا أطماعهم واستبدادهم وطغيانهم، بشيطنة هذا الاختلاف، وجدوا قوما ابتلوا بالجهل والعصبية، مهما كانت الثقافة و الوعي في لحظة غرور بالعرق والسلالة يظهر معدنهم ألحقيقيي، فتستهويهم فكرة الاستحواذ على السلطة وإقصاء أو إقناع الآخرين بترك أفكارهم أو عقائدهم أو توجهاتهم ليكونوا نسخة منهم أو تحت مظلتهم، وتبدأ آلة السحق بالتخوين وتكفير واتهام تلك الأفكار التي يحملونها والهويات التي ينتمون لها،بمبررات واهية برداء تحرري وثوري زورا محطما فكرة الحرية والتعايش وقبول الأخر كما هو لا كما تريده أنت.
ذلك ما ينتج الشعور بالتحدي والتهديد، يبدأ الآخر تلقائيا يشعر أنه مستهدف كفكرة وككيان، ويبدأ الشعور بالظلم والجور والوسواس الخناس، فينتج تعصبا وتزمتا، لتظلم الدنيا بظلام الأفكار وتوحش النفس والعنف والعنف المضاد، بيئة حاضنة للإرهاب، واقع الصراعات واقع يخلوا من التنوير ويعج بالفجور، فاقد للحرية لكي تتيح للفرد الاطلاع على كل الأفكار والرؤى وله حرية الاختيار بعيدا عن التحريض والتأليب والحشد والحشد المضاد، والأبوية المتسلطة لتي تنشئ جيل مستسلم محبط يتقبل دون أن يفكر أو يناقش مسلوب الإرادة، إنه الاستبداد الذي يزرع ثم يحصد ما زرعه رابحا وبالتالي نحن والوطن والإنسانية والحياة هم الخاسرون.
اليوم الصورة واضحة، نحن أمام طائفة متسيدة مستبدة، لا تقبل دولة المواطنة، ولا الحرية ولا المساواة، تعتقد أنها مصطفاة من الله وأن عرقها ونسيجها مختلف والآخرين خلقوا ليكونون تحت رعايتهم وطاعتهم، ومن يخالف أفكارهم أو يختلف عنهم محكوما عليه بالطاعة أو الموت، كما وصفهم السيد (الطابور الخامس) وحكم عليهم بالموت والتعزير في المسجد أو في البيت أو العمل أو حتى في الشارع، خطاب واضح طائفي مذهبي، مستخدما الدين كسلاح لقتل أخيه المسلم،كخطاب الزعيم الذي يتحدث عن الدولة والتنمية وفي عهده كنا في ذيل القائمة مقارنة بدول الجوار، لا تحتاج منا هذه الصورة لتكبير وفحص، هي اليوم أكثر وضوحا، فهل تتضح المواقف الوطنية والإنسانية مواقف الحق والسلام، ضد هذه الهجمة الشرسة الموجه ضد الوطن والمواطن في كرامته وفكره وثقافته وتربيته وتنشئته، اليوم يتم العبث في التاريخ والحاضر والمستقبل لنكن دمى بيد طائفة متعصبة ومتشنجة متوحشة لا تريد لغيرها أن يعيش ولفكرها أن يسود وثقافتها أن تعم بالعنف، في ظل واقع فوضوي لا نظام ولا قانون ولا مواطنة.
نحن نحتاج وعي وثقافة وفكر، لكيفية أن نعيش معا في وطن مختلفين متنوعين دون أن نتصارع ونتقاتل ونسئ لبعضنا البعض، علينا أن نٌسخر كل إمكانياتنا وعلمنا وجهودنا لنبدع في استثمار اختلافنا لنعيش بكرامة وعزة وشرف وسعادة، لنعيش متوافقين متساويين متحابين، لترسي العدل والإخاء والسعادة، في ظل دولة ضامنة للمواطنة ونظام وقانون سائد وقضاء عادل، واقع يخلو من الإشاعات والاتهامات جزافا،جهات محاسبة وعقاب وثواب، من تدين أو تبرئ، غير ذلك لن نكون غير شياطين برداء بشر، وسندمر وطنا، ثم نبكي على ما خلفناه من أطلال، وسنجد من يقولون "صامدون حتى آخر مواطن ضعيف مستسلم للأمر الواقع" صامدون لنكن جنود تحت طاعة لصوص وفاسدين ومستبدين والله المستعان.