مثلما يهدد الإرهاب حياة الأفراد بإسقاط أجسادهم وسط دماءهم فإنه وبدرجة أخطر يقوم بتهديد المجتمعات وإسقاط دولها في الفوضى ليبقى الناس بلا سند ولا ظهر وبدون قوة عامة قادرة على توفير الحماية لهم.. مجتمع بلا دولة هو الوضع المثالي لتحول الإرهاب إلى كيانات ذات سلطة .
الإرهاب الذي تعملق في الفراغ الذي صنعه الانقلابيون لن تكون أي من كياناته او قياداته جزء من أي عمل وطني يأتي بالدولة التي ستقوض كيانهم أصلا، إنها العدو اللدود لهم والقوة النافية لوجودهم، فكيف يمكن ان يكونوا في طريق ينطوي على تهديد لهم !!
التوسع الذي تحقق لجماعات العنف إثر الانقلاب مهدد وبعودة الاستقرار السياسي في البلد وهو ما سيجعل عداءها للدولة لا تقل عن عداء الحوثي نفسه لها فكلاهما يحضران بغياب الدولة التي لن تعود قطعا في حال استمرارهما، لن يتنازل الإرهاب عن مكاسب ما بعد الانقلاب والدولة التي ستحرمه منها سوف يعطل كل طريق يقود إليها .
في هذا الوضع المائع الذي تتعدد فيه السلطات يستطيع قادتهم أن ينصبوا أنفسهم حكاما بدون الحاجة لرضا الشعب، يكفي أنهم خلاصة الأنساب الشريفة وحراس العقيدة المخلصين لتكون لهم شرعية الأمر والنهي، وبالاستناد لهذه الشرعية يستطيعون تحويل إرادتهم الشخصية إلى قانون ملزم على الجميع الانصياع لها، كل هذه الامتيازات معرضة للزوال إذا صار لليمنيين دولة وهذا ما يجعلها الجهة التي تتشارك العداء لها كل السلطات الصغيرة.
الدولة الوطنية وسلطة القانون والعمل الجاد من أجلهما هو الدواء الحقيقي لهذا الداء العضال.. أقيموا سلطة القانون وانشروا المعرفة وحاصروا الجهل فإنها أنجع الحلول ليمن مستقر بلا عنف ولا إرهاب، وبالتوازي مع مسار استعادة الدولة لابد من مسار آخر في قلب المجتمع يعيد بناء الوعي الديني وفق مقاصد الإسلام التي تسقط الامتيازات وتعلي المساواة .