الإنسانية هي الرابط الأساس الذي يربط بين من يختلفون في معتقداتهم وأجناسهم وأعراقهم وهي الفطرة التي فطر الله الناس عليها بل وهي المرجع الأول والأخير حين تميز فئة أو طائفة أو مجتمعاً نفسها عن الآخرين وتتباهى بجنسيتها أو سلالتها أو ما شابه ذلك فكل الأجناس والأعراق بمختلف معتقداتهم الدينية و الفكرية والسياسية وما تمخض عنها تنصهر في بوتقة واحدة وهي الإنسانية والمنشأ والنهاية الواحدة .
جاء الإسلام وبُعِثت الرسل و أنزلت الكتب لغاية عليا منها بعد الدعوة لتوحيد الله وإقرار المساواة بين أبناء البشرية ووضع معيار واضح وبين للتفاضل والتمايز بين الناس وهو: التقوى فبقدر تقوى الفرد ذكراً كان أو أنثى فإنه ينال من التكريم الإلهي ما يتناسب مع تقواه ومن مفردات هذه التقوى أن يرى الإنسان لغيره بنظرة التساوي فلا فضل لعربي على عجمي ولا أبيض على اسود ولا هاشمي على قبيلي إلا بالتقوى تقريرا للغاية من الخلق وهي عبادة الله وتأكيدا للخلق الأول و للأصل - التراب - وللإعادة للأصل -التراب-.
الهاشميون أو بنو هاشم هم فصيل وعشيرة إنسانية قبل أن توسم بالسلالية وبالسياسية هي جزء لا يتجزأ من النسيج البشري الممتد على أرجاء المعمورة ومكون من المكونات الأساسية للمجتمع المسلم ولا يجوز تجاهله أو تحقيره أو تهميشه أو نبزه أو شيطنته أو نبذه أو إقصاؤه لخطأ أو جرم كارثي ارتكبه فصيل أو جماعة من بني هاشم أو أن تعالج أخطاء هذا الفصيل الهاشمي بمعاقبة جميع الهاشميين وأن تصبح الهاشمية هي العدو الأوحد لخراب المجتمعات وتفجير الصراعات بدعوى أن الهاشمية كفكرة ومذهب تعتقد حق الاصطفاء الإلهي لحكم الناس وكذلك التعالي والسيادة والنزعة العنصرية والعصبية وليس هذا بصحيح فالهاشميون على امتداد الرقعة العربية و الإسلامية لا يدينون جميعهم ولا معظمهم بمذهب واحد ولا يعتنقون هذه الفكرة بل ولقد برز من أعلامهم من يجرم هذا المذهب الاستعلائي والفكر الإقصائي ولن نذهب بعيدا فلنا في الحسن ابن علي رضي الله عنه خير شاهد في فعله في عام الجماعة بل وفي أبيه الإمام علي رضي الله عنه والذي يؤكد على مبدأ الشورى و أن الذين بايعوه (هم من بايعوا صاحبيه أبا بكر و عمر رضي الله عنهما وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار الذين إذا اجتمعوا على رجل وسموه اماما كان لله رضيا) انتهى كلامه . نهج البلاغه
كثيرون من علماء بنو هاشم في مجتمعنا اليمني قديما حين كان أحفاد يحيى بن الحسين يهلكون الحرث والنسل بصراعهم البيني على الحكم ينكرون نزعة هذا الفصيل الهاشمي العنصري السلالي المستبد ويواجهونه وليس أدل على ذلك إلا موقف الإمام محمد بن إبراهيم الوزير و محمد بن إسماعيل الأمير ( الصنعاني) واللذان يعدان من كبار علماء بنو هاشم ونابذهم أبناء عمومتهم من الهاشميين وحاربوهم لإنكارهم عليهم التعصب المذهبي والسلالي.
إن ما يجب علينا إدراكه هو أن الهاشمية التي تؤمن بحقوق الآخرين وتؤكد وتفعل مبدأ المساواة والشورى ليست عدو لأحد وإنما السلوك الإجرامي لبعض الهاشميين والذي يجب مناهضته وإنكاره هو العدو والذين لم يكتفوا بتبرير إجرامهم والتدليل عليه عبر تأصيل خرافي محرف لبعض أئمتهم وتأويل مشوه ولي لأعناق النصوص القرآنية والنبوية لما يوافق هواهم وسلاليتهم وإيمانهم ببعض الكتاب وكفر ببعض لتسويق طائفيتهم وعنصريتهم بل لقد عمدوا لتحديث سلوكهم الإجرامي باستيراد فكر مذهبي إمامي خارجي ( فارسي) منحل مشمولا بعتاد إجرامي عسكري لفرض منهجهم ومذهبهم مستخدمين بذلك التفجير والتهجير والخطف والتنكيل.